31 - في التوبة ووداع رمضان
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله الذي ليس له منازع يعادله، ولا شبيه يشاكله، ولا ظهير يعاضده، قهر بعزته الأعزاء، وتواضع لعظمته العظماء، فبلغ بقدرته ما يشاء.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً، ~ وعلى آله الطاهرين.
  أما بعد: أيها المؤمنون: ها هو رمضان يؤذن بالخروج، فماذا قدمنا فيه؟!، وها هي أيامه في أواخرها فهل قد أحسنا العمل الصالح فيه؟!، أنت أخي المؤمن شهيد على نفسك، ومؤاخذ بفعلك، ليس فعل غيرك يحسب لك، ولا فعلك يحسب لغيرك، وليست إساءتك على غيرك، ولا إسآءة غيرك عليك، كل نفس بما كسبت رهينة.
  فالناس في فراق رمضان على قسمين: رجل يحزنه فراقه، لما يعلم أنه يفوته من ثوابه، وهذا هو المؤمن، الذي يؤثر فيه الصيام، ويستفيد من رمضان.
  ورجل يفرح لفراقه، لأنه لم يذق حلاوة الصوم والعبادة، ولم يجهد نفسه في الطاعة ليتذوق حلاوة المناجاة لله تعالى، وهذا هو الذي ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ومن قيامه إلا السهر.
  أيها المؤمنون: إن كل عامل يوفى أجرُه إذا أكمل عمله، والله تعالى يقول في الحديث القدسي «الصوم لي وأنا أجزي به، يترك العبد طعامه وشرابه من أجلي، وعزتي وجلالي لأرضينه»، قرب وقت تسليم أجرة العمال، طوبى لمن كلن عمله كثيراً مباركاً خالصاً مقبولاً، ويا أسفا على من كان عمله قليلاً، وسعيه كليلاً، ويا حسرتا على من كان عمله قبيحاً.