27 - الأخوة في الله
٢٧ - الأخوة في الله
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله الذي بعث محمداً ÷ بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى والجهالة، وجمع به بعد الفرقة، وألف به بعد العداوة، والحمد لله الذي جعل التآخي بين المؤمنين من مقتضيات الإيمان، وأوجب عليهم ما يقوم هذه الإخوة من الدعائم والأركان.
  وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً مُمْتَحَناً إِخْلَاصُهَا، مُعْتَقَداً مُصَاصُهَا، نَتَمَسَّكُ بِهَا أَبَداً مَا أَبْقَانَا، وَنَدَّخِرُهَا لِأَهَاوِيلِ مَا يَلْقَانَا، فَإِنَّهَا عَزِيمَةُ الْإِيمَانِ، وَفَاتِحَةُ الْإِحْسَانِ، وَمَرْضَاةُ الرَّحْمَنِ، وَمَدْحَرَةُ الشَّيْطَانِ.
  وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالدِّينِ الْمَشْهُورِ، وَالْعَلَمِ الْمَأْثُورِ، وَالْكِتَابِ الْمَسْطُورِ، وَالنُّورِ السَّاطِعِ، وَالضِّيَاءِ اللَّامِعِ، وَالْأَمْرِ الصَّادِعِ، إِزَاحَةً لِلشُّبُهَاتِ، وَاحْتِجَاجاً بِالْبَيِّنَاتِ، وَتَحْذِيراً بِالْآيَاتِ، وَتَخْوِيفاً بِالْمَثُلَاتِ.
  أما بعد أيها المؤمنون:
  الله تعالى حكم على المؤمنين حكماً حتماً، وأوجب عليهم واجباً لازماً، فقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠]، فالأخوة بين المؤمنين ليست خيار مصالح دنيوية، أو نيل مناصب رئاسية، أو تحصيل مطالب اقتصادية، أو منافع مادية أو سياسية، أو لأجل روابط اجتماعية أو جغرافية، ليست لهذا ولا لذاك، بل هي واجب شرعي، وفرض إسلامي، بين كل المؤمنين، سواء تقاربت أنسابهم وأوطانهم أو تباعدت، تساوت طبقاتهم أو تفاوتت، كما قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ٩٢}[الأنبياء].
  فالأخوة أمرها عظيم، وخطرها جسيم، ونفعها كبير في الدنيا والآخرة، لأن الأخ والخليل والصاحب يؤثر ويتأثر، ولهذا قال النبي ÷ «المرء على