27 - كيف نقضي شهر رمضان (مختصرة)
٢٧ - كيف نقضي شهر رمضان (مختصرة)
الخطبة الأولى
  
  الحَمْدُ للهِ العَلِيِّ أَمْرُهُ وَمَشِيتُهُ، النَّافِذِ حُكْمُهُ وَقَضِيْتُهُ، الدَّائِمِ مُلْكُهُ وَسُلْطَانُهُ، الغَامِرِ فَضْلُهُ وَإِحْسَانُهُ، الَّذِي صَوَّرَ الخَلْقَ بِلَا اسْتِرْشَادٍ، وَقَدَّرَ الرِّزْقَ بِغَيْرِ اسْتِمْدَادٍ، وَدَبَّرَ الأُمُورَ بِلَا مُشِيرٍ، وَصَرَفَ المَقْدُورَ بِلَا ظَهِيْرٍ، بَلْ بِقُدْرَتِهِ الغَالِبَةِ، وَحِكْمَتِهِ البَالِغَةِ، وَأَمْرِهِ الحَزْمِ، وَحُكْمِهِ الحَتْمِ.
  وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لًا شَرِيْكَ لَهُ، شَهَادَةً يُبَرْهِنُ بِهَا بُرْهَانُهُ، وَكَلِمَةً بَيَّنَهَا سُلْطَانُهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ المُصْطَفَى، وَأَمِيْنُهُ المُجْتَبَى، أَرْسَلَهُ إِلَى أُمَّةٍ ضَالَّةٍ، يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ، وَيُحِلُّونَ الحَرَامَ، فَنَصَحَ الغَوِيَّ، وَأَفْصَحَ الخَفِيَّ، وَشَرَعَ الِملَّةَ، وَأَقَامَ الأَدِلَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللهِ حَتَّى ظَهَرَ الدِّيْنُ، وَعَبَدَ رَبَّهُ حَتَّى أَتَاهُ اليَقِيْنُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِيْنَ الطَّاهِرِيْنَ.
  أما بعد: أيها المؤمنون: هذا شهر رمضان قد أظلتنا بركاته، وهبطت علينا من ربنا خيراتُه، وتواترت علينا فيه النعم الجسام، والمنن العظام، وما هو إلا هدية أهداها الله لنا نعوض فيه ما فات من تقصيرنا، ونصلح فيه ما فسد من أمورنا، ونحيي ما أماتته المعاصي من قلوبنا، ونجلو به الغشوة التي قد غطت على ألبابنا، والغفلة التي قد اشتملت علينا، فهيا بنا أيها الإخوة المؤمنون لنستغل الفرصة، ونشغل أوقاته بالطاعات، حتى يكون شاهداً لنا لا علينا، وحجة لنا لا علينا، فقد ورد الترهيب والتهديد، والوعيد الشديد، على من فرط فيه وقصر، وخرج عنه الشهر وهو في لهوه وباطله، فقد روى الإمام الشهيد السعيد زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المنبر فقال: «يا أيها الناس، إن جبريل أتاني فاستقبلني وقال: يا محمد، من أدرك شهر رمضان فلم يغفر