روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

35 - في آخر جمعة من شهر رمضان

صفحة 308 - الجزء 1

٣٥ - في آخر جمعة من شهر رمضان

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله العالي في وقار العز والمنعة، والدائم في كبرياء الهيبة والرفعة، والجواد بنيله على خلقه من سَعَة، ليس له حد ولا أمد، ولا يدركه تحصيل ولا عدد، ولا يحيط بوصفه أحد، أحمده على جزيل إحسانه، وأعوذ به من حلول خذلانه، وأستهديه بنور برهانه، وأؤمن به حق إيمانه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي سبحت له السماوات وأكنافُها، والأرض وأطرافُها، والجبال وأعرافُها، والشجر وأغصانها، والبحار وحيتانها، والنجوم في مطالعها، والأمطار في مواقعها، ووحوش الأرض وسباعُها، ومُدَدُ الأنهار وأمواجُها، وعذبُ المياه وأجاجُها، وهبوب الرياح وعجاجُها، شهادةَ مقرٍّ له بالعبودية خاشع، معترفٍ له بالوحدانية طائع، مستجيبٍ لدعوته خاضع، متضرعٍ لمشيته متواضع، له الملك الذي لا نفاد لديموميته، ولا انقضاء لمدته.

  وأشهد أن محمداً عبده الكريم، ورسوله الطاهر المعصوم، بعثه والناس في غمرة الضلالة ساهون، وفي غرة الجهالة لاهون، لا يقولون صدقاً، ولا يستعملون حقاً، قد اكتنفتهم القسوة، وحقت عليهم الشقوة، فقام محمدٌ ~ وآله فيهم مُجِدَّاً في إنذاره، مرشداً لأنواره، بعزم ثاقب، وحكم واجب، حتى تألق شهابُ الإيمان، وتفرق حزب الشيطان، وأعز الله جنده، وعُبِدَ وحدَه، حتى قبضه الله إليه تقيَاً زكيَاً، رَاضيَاً مرضيّاً، طاهراً نقيّاً، صلى الله عليه وعلى آله وأقربِيه، وذوي رحمه وموالِيه، صلاة جليلة جزيلة، موصولة مقبولة، لا انقطاع لمزيدها، ولا اتضاع لمَشِيدِها، ولا امتناع لصعودِها، تنتهي إلى مقر أرواحهم، ومقام فلاحهم.