19 - الصدق والكذب
١٩ - الصدق والكذب
الخطبة الأولى
  
  الحَمْدُ للهِ ذِي المجْدِ والثَّنَاءِ، وَالفَضْلِ وَالعَطَاءِ، الَّذِي عَمَّتْ نِعْمَتُهُ، وَفَاضَتْ رَحْمَتُهُ، وَجَلَّتْ عَظَمَتُهُ، وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ، مُبْدِئُ الخَلْقِ وَالبَشَرِ، وَمُنْبِتُ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ، وَمُنْشِئُ الغُيُوثِ والسَّحَائِبِ، وَمُدَبِّرُ الأَفْلَاكِ وَالكَوَاكِبِ.
  وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، شَهَادَةً تَخْلُصُ بِهَا الطَّوِيَّةُ، وَكَلِمَةً تَدْعُو بِهَا البَرِيَّةُ.
  وأشهدَ أَنَّ مُحَمَّدَاً ÷ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالبَيَانِ اللائِحِ، والبُرْهَانِ الوَاضِحِ، إلى أُمَّةٍ غَاوِيَةٍ، يَعْبُدُونَ الوَثَنَ، وَيَمْحُونَ السُّنَنَ، فَعَلَّمَ الجَاهِلَ، وعَدَّلَ المَائِلَ، وأَوْضَحَ الخَفِيَّ، وَأَرْشَدَ الغَوِيَّ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ.
  أما بعد: أيها المؤمنون: لقد جاءَ الإسلامُ آمراً بمكارم الأخلاق وداعياً إليها، وحاثاً ومرغباً فيها، وناهياً ومحذراً عن مساويء الأخلاق، ألا وإنَّ من مكارم الأخلاق لزومَ الصدق في الأقوال والأفعال، فإنَّ الصدقَ يهدي إلى البر، والبرُّ يهدي إلى الجنة، ولا يزالُ الرجل يصدُقُ، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، ولقد أمر الله بالصدق، وأثنى على أهله فقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}[التوبة]، وقال تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ٣٣ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ٣٤}[الزمر] ولقد رفع الله للصادقين ذكرهم في حياتهم وبعد مماتهم، فهم محلُّ ثَقَةِ الناس، وبذكرهم تطيب المجالس ويثنى عليهم كلُّ أحد، فالإنسانُ الصادقُ معتبرٌ بين الناس في حياته ومماته فهو موضع ثقتهم، في أخباره ومعاملته، وموضع ثناء حسن، ويترحمُ عليه الناسُ بعد وفاته.