روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

20 - خطبة أخرى حول فضائل شهر رجب

صفحة 183 - الجزء 1

٢٠ - خطبة أخرى حول فضائل شهر رجب

الخطبة الأولى

  

  الحَمْدُ للهِ العَلِيِّ العَظِيْم، الرَّؤُوفِ الرَّحِيمِ، الجَوَادِ الكَرِيمِ، الَّذِي أَنْشَأَنَا بِحِكْمَتِهِ، وَغَذَّانَا بِنِعْمَتِهِ، وَأَوْلَانَا جَزِيْلَ الإِحْسَانِ، وَهَدَانَا سَبِيلَ الإِيْمَانِ، وَعَوَّدَنَا جَمِيلَ الإِمْتِنَانِ، فَأَقْرَرْنَا بِإِلَاهِيَّتِهِ، وَاعْتَرَفْنَا بِوَحْدَانِيَّتِهِ، وَأَيْقَنَّا بِحَشْرِهِ وَحِسَابِهِ، وَآمَنَّا بِرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ.

  وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، مُدَبِّرُ الأُمُورِ وَمُصَرِّفُ المقْدُورِ.

  وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدَاً ÷ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَاليَقِينِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَى كَافَّةِ المؤمِنِينَ، فَبَشَّرَ التَّقِيَّ، وَأَنْذَرَ الغَوِيَّ، وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وَكَشَفَ الغُمَّةَ، وَجَاهَدَ حَتَّى كَمُلَ الدِّينُ، وَعَبَدَ إِلَهَهُ حَتَّى أَتَاهُ اليَقِينُ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.

  أما بعد: أيها المؤمنون: ها هي أيام الخير والبركة قد أقبلت، وأيام الفضل والأجر قد استهلت، في هذه الأيام المباركة الفاضلة، نستقبل أيامَ شهر الخير والبركة، شهرِ رجب الأصب، الذي يصب اللهُ فيه الرحمة على عباده صباً، ها هو الشهر الأصم قد أقبل، الشهر الذي لا يقاربه ولا يدانيه في الفضل شهر من الأشهر غير رمضان، شهر رجب الذي هو الشهر المنفرد من أشهر الحرم الأربعة التي عظمها الإسلام تعظيماً كبيراً، كما قال الله تعالى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}⁣[التوبة: ٣٦]، فثلاثة منها متتابعة وهي شعر القعدة والحجة ومحرم، وشهر منفرد وهو شهر رجب، وقد كانت الجاهلية تعظمها، وتستعظم انتهاك الحرمة فيها بقتل أو غدر أو نحو ذلك، فلما شق ذلك عليها كانوا إذا دخل شهر من الأشهر الحرم وهم في قتال انتهكوا فيه أياماً ثم جعلوا بدلاً عنها أياماً أخرى من شهر آخر