39 - الحكمة من شرعية الحج
٣٩ - الحكمة من شرعية الحج
الخطبة الأولى
  
  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَعَ الْإِسْلَامَ فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ، وَأَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ غَالَبَهُ، فَجَعَلَهُ أَمْناً لِمَنْ عَلِقَهُ، وَسِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ، والحمد لله الذي جعل من تلك الشرائع والسبل حج بيته الحرام، الذي جعله قبلة للأنام، وفرضه على من استطاع إليه سبيلاً من الأنام، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
  وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولي المؤمنين.
  وأشهد أن مُحَمَّدَاً ÷ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بَشِيرَاً لِلمُتَّقِينَ، وَنَذِيرَاً لِلْمُعْتَدِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيبِينَ.
  أما بعد: أيها المؤمنون: فقد شرع الله تعالى شرائعَ الإسلام، وجعل في ذلك التشريع حكمة تعبدية يبتلي عباده بها في مدى امتثالهم لربهم، وجعلها أيضاً موافقة لمصالحهم الدينية والدنيوية، يكتسبون بسببها قوة وسلامة في أبدانهم، وصحة في أجسادهم، وبركة في أموالهم، وسلامة من كثير من بلاء الدنيا ومصيباتها، ويبين ذلك أمير المؤمنين عليٌّ # في قوله: (إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْإِيمَانُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الْإِسْلَامِ، وَكَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ، وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ وَاعْتِمَارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيَرْحَضَانِ الذَّنْبَ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ وَمَنْسَأَةٌ فِي الْأَجَلِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَصَدَقَةُ الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ، وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ، أَفِيضُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الذِّكْرِ، وَارْغَبُوا فِيمَا وَعَدَ الْمُتَّقِينَ فَإِنَّ وَعْدَهُ أَصْدَقُ الْوَعْدِ، وَاقْتَدُوا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الْهَدْيِ، وَاسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فَإِنَّهَا أَهْدَى السُّنَنِ).