روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

30 - في العشر الأواخر واعتكافها وليلةالقدر

صفحة 269 - الجزء 1

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله الذي ليس له منازع يعادله، ولا شبيه يشاكله، ولا ظهير يعاضده، قهر بعزته الأعزاء، وتواضع لعظمته العظماء، فبلغ بقدرته ما يشاء.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً، ~ وعلى آله الطاهرين.

  أما بعد: أيها المؤمنون: هذه الأيام والليالي المباركات تتزاحم فيها ملائكة الله في أماكن العبادات، ونحن نتزاحم في الأسواق، الملائكة يدعوننا إلى بيوت الله وأماكن طاعته، والشياطين يخرجوننا إلى الأسواق وأماكن اللهو واللعب، الأولياء والصالحون يتاجرون فيها مع الله، تجارة رابحة لا خسارة فيها، ونحن نتاجر مع الناس، تجارة معرضة للخسران والضياع، المساجد من الناس خالية، والأسواق منهم مكتظة ومليئة.

  ها نحن في أيام وليالي ليلة القدر، ولكن أين أهلها الحريصون عليها؟، وأين الرجال المهتمون بها؟، وأين العباد المشتاقون إلى ما أعد الله فيها لأهلها؟.

  قد أنزل الله تعالى في فضل ليلة القدر سورة في القرآن الكريم، تتلى آناء الليل وأطراف النهار، فهي رحمة من الله تعالى لهذه الأمة، ومن رحمته أن جعل إحياءها وقيامها خيراً من عبادة ألف شهر، ومن رحمة الله تعالى أن جعل وقتها محصوراً على رمضان، ومحصوراً على العشر الأواخر منه، بل وفي الأفراد من لياليه، وهذا من تمام النعمة والرحمة، وليلة القدر من أولها إلى آخرها في الفضل سواء، وقد ورد في فضلها أخبار كثيرة فمنها:

  ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «إذا كان ليلة القدر أمر الله ø جبريل # يهبط في كوكبة من الملائكة إلى الأرض ومعه لواء أخضر،