31 - في التوبة ووداع رمضان
٣١ - في التوبة ووداع رمضان
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله الذي لا يهتك حجابُه، ولا يغلق بابُه، ولا يرد سائله، ولا يخيب آمله، الحمد لله الذي يؤمن الخائفين، وينجي الصالحين، ويرفع المستضعفين، ويضع المستكبرين، يُهلك ملوكاً ويستخلف آخرين، والحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانُها، وترجف الأرض وعمارُها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا إن هدانا الله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
  وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لًا شَرِيْكَ لَهُ شَهَادَةً أَوْجَبَتْهَا شَوَاهِدُ بَقَائِهِ وَقِدَمِهِ، وَكَلِمَةً حَبَّبَهَا إِلَيْنَا عَوَائِدُ آلائِهِ وَنِعَمِهِ.
  وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً ÷ عَبْدُهُ ورسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالحَقِّ، وأَنْطَقَهُ بِالصِّدْقِ، بَشِيرَاً لِلْمُتَّقِينَ، وَنَذِيرَاً لِلْمُعْتَدِينَ، فَشَرَعَ الدِّينَ، وَهَدَى الضَّالِّينَ، فَصَلَّى اللهُ علَيهِ وعلَى أهلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ.
  أما بعد: أيها المؤمنون: نعيش هذه الأيام في أواخر شهر رمضان الكريم، الموسم لكل الطاعات، والوقت الصالح لجميع العبادات، وإن من أعظم العبادات التي يتقرب بها العباد في هذا الشهر الكريم، هي التوبة، وهي صالحة في كل وقت، في رمضان وفي غيره، وإنما لشهر رمضان مزيد عناية وخصوصية في قبول التوبة، لأن أبواب السماء والدعاء والخير فيه مفتوحة، وأبواب الشر فيها مغلقة، والإنسان أقرب ما يكون إلى الله مع الصيام، لأن الصيام يروض النفس ويؤدبها، ويكبح جماحها فتكون معه أقرب إلى الهدى والتقوى، وأبعد عن المعصية والردى، كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ