روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

22 - مولد أمير المؤمنين (ع) ودعاء الإستفتاح

صفحة 199 - الجزء 1

٢٢ - مولد أمير المؤمنين (ع) ودعاء الإستفتاح

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله خالق أمشاج النِّسَم، ومولجِ الأنوارِ في الظُّلَم، ومخرجِ الموجودِ من العدم، والجوادِ على الخلق بسوابغ النِّعَم، والعوّادِ عليهم بالفضل والكرم، أحمده على جزيل إحسانه، وأعوذ به من حلول خذلانه، وأستهديه بنور برهانه، وأؤمن به حق إيمانه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي أقرّ له بالعبودية كلُّ شيء خاشعاً، معترفاً له بالوحدانية طائعاً، مستجيباً لدعوته خاضعاً، متضرعاً لمشيئته متواضعاً، له الملك الذي لا نفاد له ولا انقضاء.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه والناس في غمرة الضلالة، وفي غِرة الجهالة، لا يقولون صدقاً، ولا يستعملون حقاً، فقام بعزم ثاقب، وحكم واجب، حتى أعز اللهُ جنده، وعُبِدَ وحدَه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله صلاة جليلة جزيلة، لا انقطاع لمزيدها، تنتهي إلى مقر أرواحهم، ومقام فلاحهم.

  أما بعد: أيها المسلمون:

  تمر علينا في هذا الشهر الكريم مناسبات، وتأتينا في أثنائه أحداث وذكريات، فمن الأحداث الهامة، والمناسبات الغالية التي يتناسق وقتها مع هذه الأيام، مناسبةُ ذكرى مولد أمير المؤمنين وسيد الوصيين، علي بن أبي طالب #، فقد ولد # يوم الجمعة في الثالث عشر من شهر رجب الأصب، سنة ثلاثين من عام الفيل، قبل البعثة باثنتي عشرة عاماً، وقبل الهجرة بخمسة وعشرين عاماً، ولم تكن ولادة أمير المؤمنين علي # أمراً عادياً، كولادة غيره من الأطفال، بل إن ولادته # ذات مميزات عالية، وخصائص سامية، لم يشاركه فيها أحد قبله ولا بعده، فقد أكرمه الله تعالى حال حمله وولادته بكرامات بينة، ودلائل على