4 - في معنى الإخلاص
٤ - في معنى الإخلاص
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله ذي الآلاء الغامرة، والنعم المتواترة، والمنن الباطنة والظاهرة، حمداً يرضى به عنا في الدنيا والآخرة، اللهم لك إنا نحمدك على كل نعمة، ونشكرك على كل حسنة، ونستغفرك من كل ذنب، ونتوب إليك من كل خطيئة.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنفع قائلها يوم القيامة، وتنجيه من أهوال الطامة.
  وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه، ونبيُّهُ ونجيُّهُ وصفيُّهُ وخليلُهُ، بلغ الرسالة، وأوضح الدلالة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، صلى الله عليه وعلى آله مصابيح الظلمة، وينابيع الحكمة.
  أما بعد: أيها المؤمنون: يقول الله تعالى {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ١٤}[غافر]، ويقول تعالى {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٦٥}[غافر]، ويقول الله تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ٥}[البينة]، فالله تعالى يأمرنا بالإخلاص في عباداتنا وأدعيتنا، في صلاتنا وزكاتنا، لأن الإخلاص من العمل بمنزلة الروح من الجسد، فكما أنه لا نفاعة في الجسد بلا روح، ولا قوام له إلا بالروح، فكذلك لا ينفع العمل من غير إخلاص.
  الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته كلها لله، الإخلاص صدق النية من الله تعالى، الإخلاص نسيان رؤية الخلق والنظر إلى صدق معاملة الخالق، الإخلاص أن يعمل العبد لله لا يحب أن يُحمد عليه، الإخلاص دوام المراقبة، ونسيان الحظوظ كلها، الإخلاص معناه: ما روي عن صاحب الشريعة ~ وعلى آله، الذي هو معلمُ الخير، والمحيطُ بالأسرار الدينية، والمستولي على معرفة الحقائق الإلهية، لما سُئل عن