روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

30 - في فضل المساجد وآدابها

صفحة 245 - الجزء 2

٣٠ - في فضل المساجد وآدابها

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله الذي فطر الأشياء على إرادته، وجعلها كيف شاء بعزته، وعمّ المخلوقين برحمته، أوجد الأشياء على مقتضى حكمته، وأبان فيها آثار قدرته، فكل شيء من مخلوقاته عليه دليل، فتبارك اللهُ الواحدُ الأحدُ الجليل، العالمُ بخفيات الغيوب، المطلعُ على سرائر القلوب، المتفضلُ على الخلق بالمرسلين، المحتجُ بالرسل على العالمين، الذي لم يزل ولا يزال، فهو الصمد ذو الجلال، نحمده حمداً دائم البقاء.

  وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة حقاً، أقولها تعبداً لله ورقاً، الذي رفع السماء فبناها، وسطح الأرض فطواها، ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالبينات، وأنزل معه الآيات، وأنقذنا به من الهلكات، وأكمل به النعم والخيرات، فبلغ رسالات ربه، ونصح لأمته، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الأخيار.

  أما بعد: أيها المؤمنون:

  يقول الله تعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ٣٦ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ٣٧ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٨}⁣[النور]، ويقول تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ١٨}⁣[الجن]، ويقول تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ١١٤}⁣[البقرة].