روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

38 - موعظة عظيمة حول الموت

صفحة 316 - الجزء 2

الخطبة الثانية

  

  الحمد الله حمداً دائماً مقيماً، وأشهد أن لا إله إلا الله، إلاهاً واحداً كريماً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله طاهراً معصوماً، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً.

  أما بعد: أيها المؤمنون: نقتطف من كلام أمير المؤمنين علي # ومواعظه البالغة ما يلي:

  عباد الله: إنّ أقربَ ما يكون العبدُ إلى المغفرة والرحمة حين يعمل بطاعته، ويناصحه في التوبة، فعليكم بتقوى اللّه سبحانه وتعالى فإنها تجمع من الخير ما لا خير غيرُها، ويُدركُ بها من الخير ما لا يدرك بغيرها، خيرُ الدنيا والآخرة. قال اللّه تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ٣٠}⁣[النحل].

  عبادَ اللّه: إن المؤمن يعمل لثلاث خصال من الأعمال:

  إما ليثاب في الأولى والأخرى، والله يثيبه بعمله في دنياه وآخرته قال اللّه تعالى لإبراهيم {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ٢٧}⁣[العنكبوت]، وإما ليكفر عنه سيئاته بكل حسنة سيئة يقول اللّه تعالى {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}⁣[هود: ١١٤]، فإذا كان يوم القيامة حسبت حسناته، ثم يُعطى بكل واحدة عشرُ أمثالها إلى سبع مائة ضعف، قال اللّه تعالى {فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ٣٧}⁣[سبأ].

  فارغبوا عباد اللّه: فيما رغبكم، ورغّبوا فيه غيركَم، واعملوا به وتحاضّوا عليه، وتواصوا به.

  واعلموا أن المتقين ذهبوا بعاجل الخير وآجله في الدنيا والآخرة، فقد شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولن يشاركَهم أهل الدنيا في آخرتهم، كما قال اللّه تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}⁣[الأعراف: ٣٢]، فقد سكنوا الدنيا بأفضلِ ما سكنت، وأكلوها بأفضلِ ما أُكلت، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، وشربوا من