روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

17 - حول وفاة النبي ÷

صفحة 151 - الجزء 1

١٧ - حول وفاة النبي ÷

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله الذي من علينا بمحمد ÷ دون الأمم الماضية، والقرون السالفة، بقدرته التي لا تعجز عن شيئ وإن عظم، ولا يفوتها شيئ وإن لَطُف.

  نحمده على كل نعمة، ونشكره على كل حسنة، ونستغفره من كل ذنب، ونتوب إليه من كل خطيئة.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤاً أحد.

  وأشهد أن محمداً عبده المنتجب، ورسوله المكرم المقرب، نور الهدى، والقائد إلى الخير، والداعي إلى الرشد، نبي الرحمة، وإمام المتقين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

  أما بعد: أيها المؤمنون:

  يقول الله تعالى لنبيه ÷ {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ٣١}⁣[الزمر]، فبعد أن بَلَّغَ رسولُ الله ÷ الرسالةَ، وأدى الأمانةَ، ونصح الأمةَ، بدأت طلائع الوداع من الدنيا تتضح وتتبين في أقواله وأفعاله ÷، فبعد ثلاث وعشرين سنة من عمر الدعوة النبوية، والبعثة المحمدية، التي قاسى فيها النبي ÷ أنواع المتاعب، ولاقى أصناف الأذى والمصائب، وهو صابر لربه ومحتسب، حتى بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وبعد عناء طويل في الجهاد والتضحية.

  فإنه لما غزا غزوة تبوك وكانت آخرَ غزواته ÷، انصرف إلى المدينة وحج حجة الوداع، وكان يقول للناس «خذوا عني مناسككم فلعلي لا أحج بعد عامي هذا»، وفي انصرافه إلى المدينة أمره الله تعالى أن يبلغ ختام الشريعة في غدير