روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

19 - حول فضائل شهر رجب

صفحة 175 - الجزء 1

١٩ - حول فضائل شهر رجب

الخطبة الأولى

  

  الحَمْدُ للهِ العَلِيِّ العَظِيْم، الرَّؤُوفِ الرَّحِيمِ، الجَوَادِ الكَرِيمِ، الَّذِي أَنْشَأَنَا بِحِكْمَتِهِ، وَغَذَّانَا بِنِعْمَتِهِ، وَأَوْلَانَا جَزِيْلَ الإِحْسَانِ، وَهَدَانَا سَبِيلَ الإِيْمَانِ، وَعَوَّدَنَا جَمِيلَ الإِمْتِنَانِ، فَأَقْرَرْنَا بِإِلَاهِيَّتِهِ، وَاعْتَرَفْنَا بِوَحْدَانِيَّتِهِ، وَأَيْقَنَّا بِحَشْرِهِ وَحِسَابِهِ، وَآمَنَّا بِرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ.

  وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، مُدَبِّرُ الأُمُورِ وَمُصَرِّفُ المقْدُورِ.

  وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدَاً ÷ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَاليَقِينِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَى كَافَّةِ المؤمِنِينَ، فَبَشَّرَ التَّقِيَّ، وَأَنْذَرَ الغَوِيَّ، وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وَكَشَفَ الغُمَّةَ، وَجَاهَدَ حَتَّى كَمُلَ الدِّينُ، وَعَبَدَ إِلَهَهُ حَتَّى أَتَاهُ اليَقِينُ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.

  أما بعد: أيها المؤمنون:

  نعيش وإياكم في هذه الأيام المباركة الفاضلة، في أيام شهر الخير والبركة، في شهر رجب الأصب، الذي هو من أشهر الحرم التي عظمها الإسلام تعظيماً كبيراً، كما قال الله تعالى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}⁣[التوبة: ٣٦]، فهو المنفرد من الأربعة الحرم، وقد كانت الجاهلية تعظمه، وتستعظم انتهاك الحرمة فيه بقتل أو غدر أو نحو ذلك، فلما شق ذلك عليها كانت إذا دخل شهر من الحرم وهم في أثناء قتال انتهكوا فيه أياماً ثم جعلوا بدلاً عنها أياماً أخرى من شهر آخر ويزيدون عليها ضعفاً، كما قال تعالى {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ