روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

41 - في فضل عرفة والأيام التي تليه

صفحة 362 - الجزء 1

٤١ - في فضل عرفة والأيام التي تليه

الخطبة الأولى

  

  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ مَصَائِرُ الْخَلْقِ، وَعَوَاقِبُ الْأَمْرِ، نَحْمَدُهُ عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِهِ، وَنَيِّرِ بُرْهَانِهِ، وَنَوَامِي فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ، حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّهِ قَضَاءً، وَلِشُكْرِهِ أَدَاءً، وَإِلَى ثَوَابِهِ مُقَرِّباً، وَلِحُسْنِ مَزِيدِهِ مُوجِباً، وَنَسْتَعِينُ بِهِ اسْتِعَانَةَ رَاجٍ لِفَضْلِهِ، مُؤَمِّلٍ لِنَفْعِهِ، وَاثِقٍ بِدَفْعِهِ، مُعْتَرِفٍ لَهُ بِالطَّوْلِ، مُذْعِنٍ لَهُ بِالْعَمَلِ وَالْقَوْلِ، وَنُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانَ مَنْ رَجَاهُ مُوقِناً، وَأَنَابَ إِلَيْهِ مُؤْمِناً، وَخَنَعَ لَهُ مُذْعِناً، وَأَخْلَصَ لَهُ مُوَحِّداً، وَعَظَّمَهُ مُمَجِّداً، وَلَاذَ بِهِ رَاغِباً مُجْتَهِداً.

  وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الواحدُ الذي لا يدخل في عدد، والفردُ الذي لا يقاسُ بأحد، علا عن المشاكلةِ والمناسبة، وخلا من الأولاد والصاحبة، قَائِمٌ بِالْقِسْطِ، عَدْلٌ فِي الْحُكْمِ، رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ، مَالِكُ الْمُلْكِ، رَحِيمٌ بِالْخَلْقِ.

  وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه وَرَسُولُه وخِيَرَتُه مِنْ خَلْقِه، حَمَّلَهُ الرِسَالَة فَأَدَّاهَا، وَأَمَرَهُ بِالنُّصْحِ لِأُمَّتِهِ فَنَصَحَ لَهَا، أشهد أنه قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الأخيار الصادقين الأبرار.

  أما بعد أيها المؤمنون:

  فإننا نعيش في أيام هي عند الله من أفضل الأيام، والله تعالى يحب العمل فيهن، هذه الأيام المباركة التي يؤدي فيها الحجيج مناسك حجهم، ويقومون فيها بفرائض ربهم، إجابة لنداء إبراهيم الخليل # حيث أمره الله تعالى بذلك فقال: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ٢٧}⁣[الحج]، فالمسلمون يتوافدون إلى البيت العتيق لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، طالبين الفضل من الله تعالى، وراجين منه العفو والغفران، متبعين في ذلك سنن