روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

10 - حول الإعراض عن الله تعالى ودينه

صفحة 97 - الجزء 2

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله وكفى، ولي الحمد وأهله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، لانهاية له ولا انقطاع.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة صادرةً عن محض اليقين.

  وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله المبعوث الأمين، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين.

  أما بعد أيها المؤمنون: قد يتقلب المرء في ظلمات الإعراض وهو لا يشعر، فتراه يعارض النصوص القرآنية ولا يذعن لها؛ اتباعاً لهواه، ثم يجادل بالباطل ليرد به الحق، فهو واقع في مصيدة الإعراض، وهذا هو الضلال بعينه، قال تعالى {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٥٠}⁣[القصص].

  المعرضون عن الله عليهم أن يفتشوا عن صدورهم، فربما قد فسدت قلوبهم وارتكسوا في الآثام وهم لا يشعرون، ربما انغمسوا في النفاق وتنقلوا بين شُعَبه وهم لا يدركون.

  فكم من أقوام أعرضوا عن شريعة الله فكانوا بها من الجاهلين، فأصبحت أوامرُ الدين وتشريعاتُه غريبةً عليهم، فسبب لهم ذلك إلى الطعن في الدين، والاستهزاء بالشرع.

  وكم من أُناس أعرضوا عن دين الله وتعلم العلم والعقيدة، فقادهم ذلك إلى الإلحاد في ذات الله وصفاته، والتهكم بعقيدة أهل الحق في ذلك.

  أيها المؤمنون: إنَّ بِدَايَاتِ الضلال والإلحاد هو الإعراض عَنْ بَعْضِ أَحْكَامِ اللهِ تَعَالَى، ثم يتَطَوَّرُ إِلَى الاعْتِرَاضِ عَلَيْهَا، ثَمَّ إلى رَدِّهَا، إِلَى أَنْ يَصِلَ الإِعْرَاضُ إِلَى الزَّيْغِ وَالضَّلالِ، وَالاسْتِهَانَةِ بِاللهِ تَعَالَى، وَرَفْضِ دينه؛ {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ٥}⁣[الصف]، {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}⁣[البقرة: ١٠]، وقد توعد الله تعالى المعرضين بعقوبات دنيوية وأخروية، فمن أعظم العقوبات الدنيوية التي تصيب أهل الإعراض عن الله تعالى: