روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

27 - الأخوة في الله

صفحة 229 - الجزء 2

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله الذي ربط بين المؤمنين بالأخوة الإيمانية ونماها، وشرع لهم من الأسباب ما تثبت بها أركان تلك الإخوة وتقوي عراها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فأعظم به ربًّا وإلَهًا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أكمل البرية وأهداها، صلى الله عليه وعلى آله أفضل البرية وأتقاها، الذين قاموا بما أوجب الله عليهم من حقوقه وحقوق عباده على أكمل الوجوه وأعلاها ما طلعت الشمس، وأشرق ضياها.

  أما بعد: أيها المؤمنون:

  فإن هذه الأخوة والرابطة الدينية أقوى من كل رابطة وصلة، فيوم القيامة لا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسآءلون، ولكن الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين، فالأخوة في الله هي النافعة في القيامة.

  فعن الإمام الشهيد أبي الحسين زيد بن علي $: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ٦٧}⁣[الزخرف] قال: كل خليل معاد خليله إلاَّ الخلة في الله.

  وسئل رسول الله ÷، عن قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}⁣[يونس: ٦٢]، قال: هم المتحابون في الله.

  واعلموا أن منفعة الأخ والخليل وضرره لا تقتصر على الدنيا فحسب، بل حتى عند الموت وفي الآخرة، فعن علي #، أنَّه سئل عن قوله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}⁣[الزخرف: ٦٧]، قال: خليلان مؤمنان وخليلان كافران، فتوفي أحد المؤمنين فبشر بالجنة، فذكر خليله فقال: اللهم خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر وينبئني أني ملاقيك، اللهم فلا تضله بعدي حتَّى تريه كما أريتني وترضى عنه كما رضيت عني، ثُمَّ يموت فيجمع الله بين أرواحهما ثُمَّ ليقول: