روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

33 - حول مواضيع متعددة هامة في شهر رمضان

صفحة 288 - الجزء 1

٣٣ - حول مواضيع متعددة هامة في شهر رمضان

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله رب العالمين، الذي أكرمنا بشهر رمضان من بين سائر الأمم، وأفاض علينا فيه عوائد النعم، وأجاد علينا فيه أنواع الإحسان والكرم، وجنبنا فيه الأسواء والنقم، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، سيد الأولين والآخرين، ودليل المهتدين، وقدوة المتعبدين، ونور المسترشدين، وأقرب الخلق وسيلة عند رب العالمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

  أما بعد: أيها المؤمنون:

  الصيام مدرسة روحية وأخلاقية، لتهذيب النفس وتربيتها، وتحسين السلوك والمعاملة، ولكن تدريب الجسد والروح على ذلك يحتاج منا إلى العزم وصدق الإرادة، وذلك لا يكون بقوة الأمر والنهي، ولكن يكون بالحب والرغبة، والقيام بالطاعة اختياراً، فبقدر الشوق والحب يكون التأثر والتغير.

  والحب والرغبة والشوق يتوقف على معرفة الشيء الذي نحبه ونشتاق إليه، فبقدر المعرفة يكون التعظيم والإهتمام، فالذي يعرف فضل رمضان وأهميته تتطلع نفسه المؤمنة بلهف شديد، وشوق متزايد إلى هلال رمضان قبل وقته بشهرين أو أكثر، فهو يهيئ نفسه ويروضها، ويتعاهد أحواله، ويتفقد شؤونه الإيمانية كي يستقبل رمضان بروح عالية، ورغبة متناهية، فإذا هَلَّ هلالُ رمضان بالبركة سارع وسابق إلى ميادين الخيرات والقربات، وتنقل في بستان الطاعات والعبادات المتنوعة، يجني حالي الثمار، ويقتطف أطيب روائح الأزهار، فهو يتغير إلى الأحسن، ويتطلع إلى الأكمل.