روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

20 - الأمانة

صفحة 173 - الجزء 2

٢٠ - الأمانة

الخطبة الأولى

  

  الحَمْدُ للهِ الْمُسْتَحْمِدِ لِفَضْلِهِ، الْمُسْتَعْبِدِ لِعَزِيمَةِ سُلْطَانِهِ، الدَّائِمِ فِي مُلْكِهِ وَبَقَائِهِ، العَدْلِ فِي حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ، الَّذِي خَلَقَ الأَشْيَاءَ بِحِكْمَتِهِ، وَرَزَقَ الأَحْيَاءَ بِرَحْمَتِهِ، وَأَمْضَى الدُّهُورَ عَلَى مَشِيَّتِهِ، لَا يُرَادُّ فِي حُكْمِهِ، وَلَا يُضَادُّ فِي عِلْمِهِ، وَلَا يُشَارَكُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يُغَالَبُ فِي بُرْهَانِهِ، لَهُ الْمِنَّةُ العَالِيَةُ، وَمِنْهُ النِّعْمَةُ السَّابِغَةُ، بِيَدِهِ رِزْقُ البَشَرِ، وبإِذْنِهِ يَجْرِي القَدَرُ.

  وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لًا شَرِيْكَ لَهُ شَهَادَةً أَوْجَبَتْهَا شَوَاهِدُ بَقَائِهِ وَقِدَمِهِ، وَكَلِمَةً حَبَّبَهَا إِلَيْنَا عَوَائِدُ آلائِهِ وَنِعَمِهِ.

  وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدَاً ÷ عَبْدُهُ ورسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالحَقِّ، وأَنْطَقَهُ بِالصِّدْقِ، بَشِيرَاً لِلْمُتَّقِينَ، وَنَذِيرَاً لِلْمُعْتَدِينَ، فَشَرَعَ الدِّينَ، وَهَدَى الضَّالِّينَ، فَصَلَّى اللهُ علَيهِ وعلَى أهلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ.

  أما بعد: أيها المسلمون: من المواضيع ذات الأهمية البالغة التي نحتاج إليها في حياتنا ومعاملاتنا، هي الأمانة، وهي من مكارم الأخلاق، ومحاسن الصفات، بل من علامات الإيمان، ودلالات الفضل والإحسان.

  قال الله ø {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ٥٨}⁣[النساء]، وقال سبحانه {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ٧٢}⁣[الأحزاب]، وقال تعالى في صفات المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ٣٢}⁣[المعارج]، ولقد كانت الأمانة من صفات ملائكة الله المقربين، كما وصف الله جبريل الأمين بها في قوله تعالى {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ٢١}⁣[التكوير]، وقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ١٩٣ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ١٩٤}⁣[الشعراء].