36 - غزوة أحد والدروس المأخوذة منها
الخطبة الثانية
  
  الْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلَا مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ، وَلَا مَأْيُوسٍ مِنْ مَغْفِرَتِهِ، وَلَا مُسْتَنْكَفٍ عَنْ عِبَادَتِهِ، الَّذِي لَا تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ، وَلَا تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ.
  وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً ÷ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، شَهَادَتَيْنِ تُصْعِدَانِ الْقَوْلَ وَتَرْفَعَانِ الْعَمَلَ، لَا يَخِفُّ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ، وَلَا يَثْقُلُ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ عَنْهُ.
  أما بعد أيها المؤمنون: لنأتي لأخذ الدروس والعبر من هذه الغزوة العظيمة:
  الأول: كان من أسباب الهزيمة للمسلين: مخالفة رأي النبي ÷ في البقاء في المدينة، واضطرارهم له إلى الخروج للقاء العدو في بادئ الأمر.
  الثاني: من أسباب الهزيمة أيضاً مخالفة الرماة لأوامر النبي ÷ وتركم مواقعهم وأماكن حراستهم، من أجل الحصول على الدنيا، من أجل الحصول على حفنة من المال، ظانين أن النبي ÷ سينسى موقفهم، ولن يعطيهم شيئاً، فآثروا الدنيا على الآخرة، واتبعوا شهوات أنفسهم ولذاتها فكانوا سبب الهزيمة.
  الثالث: ظهر للمسلمين كثير من المنافقين الذين كانوا مع عبد الله بن أبي الذي رجع من منتصف الطريق بثلث الجيش الذين غرهم واستهواهم.
  وهكذا يلعب المنافقون دوراً كبيراً في كل زمان ومكان، في التفريق بين صفوف المسلمين، والتخذيل عن نصرة الدين.
  إذا كان هذا الموقف مع رسول الإسلام، رسول الحق، نبي الرحمة، وهو يوحى إليه، وهم يشاهدون المعجزات والآيات تظهر على يديه، ثم يرجحون قول المنافقين على قوله، ويميلون معهم ويتركونه، مع أنه عدد ليس بالسهل فقد رجع مع ابن أبي ٣٠٠ مقاتل، ولم