روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

6 - همجية الطغاة وأحداثهم بعد كربلاء

صفحة 59 - الجزء 1

الخطبة الثانية: انتقام الله من قتلة الحسين

  

  الحمدلله ولي المؤمنين، وناصر المظلومين، ومؤيد المستضعفين، والمنتقم من الظالمين والجبارين.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

  أما بعد: أيها المؤمنون:

  كادت الدنيا أن تكون دار جزاء، في الوقت الذي يكون الظالم فرحاً مسروراً بظلامته، وقد شفى غليله من المظلوم، تكون فعلته تحت المراقبة الربانية، وفي ميزان العدل الإلهي، فما هو إلا أن يباشر الظلم حتى تبدأ عدالة الإنتقام، فالظالم والمظلوم تحت ظل القانون الإلهي، الذي لا يتغير وإن طال الزمن، فالمظلوم له حق لا يضيع، ودعوةً مستجابة لا ترد، والظالم له سيف العدل يرغم أنفه، ويتعس خده، ويقتص منه ولو بعد حين.

  والتاريخ له عين بصيرة، وذاكرة لا تضيع ولا تنسى، فقد سجل في ذاكرته أسماءً عديدة من الصنفين، من المظلومين والظالمين، ومن أشد القضايا وضوحاً، وأكبرها دلالة واقعة كربلاء، التي حدث فيها من الظلم ما لم يكن له مثيل في التاريخ، فمن أكثر ظلماً، وأشد قسوة من قتلة الحسين بن علي @؟ الذين قتلوه تلك القتلة البشعة، ومثّلوا بجسده الشريف، وسلبوه، ونهبوا رحله، ونكّلوا بأهله وعياله وأصحابه، ولكن ذلك كله بعين الله، كما قال الإمام الحسين # (يهون عليّ ما ألقى أنه بعين الله)، فهو على يقين من أن الله تعالى لن يترك هذه الجريمة تذهب سدى.

  فقتلة الإمام الحسين لم يمهلهم الله تعالى بعد الإمام الحسين # إلا برهةً من الزمن حتى اقتص منهم، وانتقم منهم، وذلك القصاص والإنتقام ليس هو الجزاء