روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

43 - مباهلة النبي صلى الله عليه وآله مع نصارى نجران

صفحة 384 - الجزء 1

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله وكفى، ولي الحمد وأهله، نحمده ونستعينه ونستهديه الهدى، ونعوذ بالله من الضلالة والردى.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء، والقائم بلا عناء، والدائم بلا فناء.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد المرسلين والأنبياء، ~ وعلى آله الأصفياء الأتقياء.

  أما بعد: أيها المؤمنون: نكمل معكم حادثة المباهلة:

  اتفق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع النصارى على المباهلة في اليوم الثاني، وعلى أن تكون المباهلةُ خارج المدينة في الصحراء، فلما كان اليوم الثاني أقبل الناس من أهل المدينة من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الناس، في قبائلهم وعشائرهم وشعاراتهم، وهم في أحسن هيئة، وخرج وفد نجران إلى مكان المباهلة، ينتظرون قدوم النبي ÷، وكان أهل نجران قد اشتوروا فيما بينهم في أمر المباهلة، وقال بعضهم لبعض: انظروا محمداً فإن جاء غداً بولده وأهله وخاصته فاحذروا مباهلته، فإنه نبيء، وإن جاء بأصحابه وأتباعه فباهلوه فإنه ليس على شيء.

  وهم يعنون بكلامهم هذا: أن النبي ÷ إذا جاء إلى ساحة المباهلة محفوفاً بأبهة الملك، ومتظاهراً بقوة الجيش، ومعرضاً بكثرة الجنود والأتباع، فهي دليل على عدم صدقه.

  وإذا أتى بولده وأبناءه وأحبِّ الناس إليه، وأعزهم لديه، بعيداً عن كل مظاهر الخيلاء والمباهاة، فهو دليل على صدقه، وأوكد في الدلالة على ثقته بموقفه، ويقينه