35 - في آخر جمعة من شهر رمضان
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله الذي ليس له منازع يعادله، ولا شبيه يشاكله، ولا ظهير يعاضده، قهر بعزته الأعزاء، وتواضع لعظمته العظماء، فبلغ بقدرته ما يشاء.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً، ~ وعلى آله الطاهرين.
  أما بعد أيها المؤمنون: من آخر وصايا النبي ÷ التي أوصى بها المسلمين، أن قال «أخرجوا اليهود من جزيرة العرب»، فكان شأن هذه الوصية شأن غيرها من الوصايا التي لم يتم الإمتثال بها، ولا التطبيق لها، فجنى المسلمون ذُلّ المخالفة، فلم يزل اليهود يكيدون للإسلام وأهله، ويبغونهم الغوائل، حتى استأسد اليهود، وانتكست أوضاع المسلمين رأساً على عقب، لأنهم تنحوا عن الإسلام، وصار الدين منهم بعيداً بعيداً، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فاحتل اليهود بلدان المسلمين، وقتلوا رجالهم وأطفالهم ونسائهم، وهدموا بيوتهم، وأخذوا أموالهم، واستغلوا خيراتهم، ويوسعون مملكتَهم رويداً رويداً، حين وثق اليهودُ بما لديهم من قوةٍ، واطمأنوا إلى ما يتميزون به من تفوقٍ، ولم يعد يخيفهم شيء من ناحية المسلمين، فما الذي يخشونه؟ بعد أن أعلن المسلمون عجزهم عن مواصلة التحدي، ووقعوا على معاهدات الإستسلام والإذعان، وأعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
  كيف تخشى إسرائيل واليهود من أناسٍ يتشاغلون ببعضهم، ويتناسون عدوهم الأكبر، بل يستمدون المعونة من عدوهم على بعضهم، فهم لن يحققوا نصراً ولن يبنوا مجداً.