15 - حول البعثة النبوية
١٥ - حول البعثة النبوية
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله الذي هدانا لدينه القويم، وأوضح لنا الصراط المستقيم، وأكرمنا برسوله الكريم، فله الحمد على نعمة الدين التي هي أصل كل خير ونعيم، حمداً لا ينقطع ولا يفنى بل يبقى على مر الأزمنة ويدوم.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة يبرهن بها برهانه، وكلمة بينها سلطانه.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى، وأمينه المجتبى، أرسله إلى أمة ضالة، يعبدون الأصنام، ويحلون الحرام، فنصح الغوي، وأفصح الخفي، وشرع الملة، وأقام الأدلة، وجاهد في الله حتى ظهر الدين، وعبد ربه حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
  أما بعد أيها المؤمنون:
  لما أراد الله تعالى إكرام محمد ÷ بالنبوة، ظهرت له المقدمات، وطلعت له طلائع التبشير بالسعادة، فكان يرى الأوضاع التي يعيشها العرب آنذاك وبالأخص قريشاً وماهم عليه من الفساد وعبادة الأوثان وغيرها، فكان يميل إلى العزلة والإنقطاع والخلوة بنفسه، فكان يخلو للعبادة والإنقطاع في غار حراء، ويمكث الأيام المتوالية ثم يعود إلى منزله بعد أن يطوف بالبيت سبعة أشواط، فلما كمل عمره أربعون سنة وهي سن الكمال كان يرى الرؤيا الصالحة فتقع كما يرى، وكان يرى النور ويسمع الصوت، وكان لا يمر ÷ بحجر ولا شجر إلاّ قال: السلام عليك يا رسول الله، فيلتفت حوله وعن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى إلاّ الشجر