روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

25 - في الاستخارة وفضلها

صفحة 214 - الجزء 2

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله الذي لا يخفر من انتصر بذمته، ولا يقهر من استتر بعظمته، ولا يُكدي من أذاع شكر نعمته، ولا يَهلَكُ من تغمده برحمته، ذي المنن التي لا يحصيها العادون، والنعم التي لا يجازيها المجتهدون، والصنائع التي لا يستطيع دفعها الجاحدون، والدلائل التي يستبصر بنورها الموجودون، أحمده جاهراً بحمده، شاكراً لرفده، حمد موفق لرشده، وأثق بوعده، له الشكرُ الدائمُ، والأمرُ اللازم.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى وسلم عليه وعلى آله الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً.

  أما بعد: أيها المؤمنون: الإنسان قد يهم بأمر أو يعزم على عمل وهو في نظره القاصر يرى أن ذلك الأمر فيه مصلحة كبيرة له، يجلب من ورائه أموالاً، أو يكسب من خلاله مصالح تعود عليه بالنفع، ولكن في علم الله تعالى أن ذلك بخلاف ما يراه، وقد يعرض للإنسان أمر أو قضية أو عمل فيراه في نظره القاصر غير مناسب، أو أنه ليس خيراً له، ولكن هو عند الله خير لك وأجلب لمنفعتك، كما يقول الله تعالى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٢١٦}⁣[البقرة]، وكما يقول تعالى {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ١٩}⁣[النساء]، ولكن كيف هي الطريق إلى أن نعرف ما هو الخير لنا عند الله؟

  الطريق هي بالاستخارة، هي بطلب العون من الله، هي بالاستعانة بالله تعالى، فإذا قد استخرتَ ربك، ورأيت الأمر متيسراً لك، واطمأن قلبك إليه، وتاقت نفسك وتعلقت به، وحصل عندك تفاؤل فيه، ولم يحصل لك فيه أي عائق فيه، ولم يعرض لك شيء يخوفك منه، فإن ذلك علامة على إرادة الله الخير والمصلحة لك، فاسع في الطلب، وجد وفي العمل.