روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

3 - حول شخصية الإمام الحسين #

صفحة 31 - الجزء 1

٣ - حول شخصية الإمام الحسين #

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله رب العالمين، الذي أكرمنا بأهل بيت النبوة، وجعلهم الأدلة على الحق والقدوة، ورفع بهم منار الدين وأعلاه، وأشاد بهم بنيان الهدى وقواه، وأزال بهم ظلمات الجهل وعشاوته، ومحى بهم ضلالات الباطل وغشاوته، وقمع بهم أهل الزيغ والكفر والنفاق، وزلزل بهم عروش أهل الكبرياء والشقاق.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا عديل، ولا خلف لقوله ولا تبديل.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين المأمون، بلغ الرسالة كما أمره الملك الجليل، وأدى الأمانة بكل ما يمكنه من التبليغ، صلى الله وسلم عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

  أما بعد: أيها المؤمنون: نعيش وإياكم في هذه الأيام، أيام شهر محرم الحرام، الذي يتجدد فيه ذكرى الأحزان والآلام على أهل البيت $، نتذكر فيها ما سجله التاريخ من المآسي والمصائب التي نالها أهل البيت من قبل أعدائهم الذين يدعون الإسلام، ويتسمون باسمه.

  فأعظمُ فاجعة، وأبشع حادثة وقعت فيه هي فاجعة مقتل الإمام الحسين # وأهل بيته وأصحابه، حيث لم يسبق لها مثيل، ولن يأتي لها نظير، في تاريخ البشر، فضحيتها ابنُ النبي ÷ وخيارُ أهل بيته وأصحابُه، تسيل دماؤهم وتسفك وتهدر، لأجل إرضاء أرباب الخنا والفساد والفجور، وأهل اللهو والفسق والخمور، تصطف عشرات الآلاف صفوفاً شاهرين لسيوفهم، مشرعين لأرماحهم، مادين لأقواسهم ونبالهم في وجوه طائفة لا يصل عددهم المائة فيهم النساء والصبيان والضعفة والمرضى، بل سجل لنا التاريخ فيها منتهى الوقاحة والغلظة.