روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

16 - حول انتظار الفرج

صفحة 146 - الجزء 2

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله وكفى، ولي الحمد وأهله، نحمده ونستعينه ونستهديه الهدى، ونعوذ بالله من الضلالة والردى.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء، والقائم بلا عناء، والدائم بلا فناء.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد المرسلين والأنبياء، ~ وعلى آله الأصفياء الأتقياء.

  أما بعد: أيها المؤمنون:

  أنزل الله تعالى سورة الشرح التي قرأناها في آخر الخطبة الأولى، تلك السورة الكريمة أنزلها الله تعالى على نبيه محمد ÷ يذكره فيها بما امتنّ به عليه من المنن العظام، والنعم الجسام، التي منها شرح صدره بعد الغم والضيق، ووضع وزره وهو الإثم عنه، بعد أن أثقل الظهر، ورفع اللهُ تعالى ذكرَ نبيه ÷ بحيث جعله مذكوراً معه، في الشهادتين والأذان وغيرها من المواضع الشريفة، وبعد هذه المنن العظيمة، أعلم الله نبيه ÷ بالبشارة له ولأمته، بأن مع العسر الواحد يسرين، إذا رغبوا إلى الله تعالى ربهم، وأخلصوا له طاعاتهم ونياتهم.

  وقد روي عن علي #، أنه قال: (لا يغلب العسرُ الواحد يسرين)، يريد أن العسر الأول هو الثاني، وأن اليسر الثاني هو غير الأول، وذلك أن العسر معرفة، فإذا أعيد، فالثاني هو الأول، لأن الألف واللام لتعريفه، ويسر، بلا ألف ولام، نكرة، فإذا أعيد، فالثاني غير الأول.

  وقال الله تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ٧}⁣[الطلاق]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}⁣[الطلاق: ٢ - ٣].