42 - حول الجنة ونعيمها، والنار وجحيمها
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.
  أما بعد: أيها المؤمنون:
  ومما روي عن النبي ÷ في نعيم أهل الجنة أنه قال لعلي #: «يا علي: إن المتقين إذا خرجوا من قبورهم استُقبِلُوا بنوقٍ، عليها رَحائِلُ الذهب يستوون عليها، فتطيرُ بهم حتى ينتهوا إلى باب الجنة، فإذا حِلْقَةٌ من ياقوتٍ على صفائح الباب، وإذا عند البابِ شجرةٌ يَنْبَعُ من أصلها عَينَان، فيشربون من إحدى العينين، فلما بلغ الشرابُ إلى الصدور أخرجَ اللّهُ ما في صدورهم من الغل والحسد والبغي، فذلك قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا}[الحجر: ٤٧]، فلما انتهى إلى البطن طهره اللّه من دنس الدنيا وقذرها، وذلك قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ٢١}[الإنسان]، ثم اغتسلوا من الأخرى، فجرت عليهم النضرة والنعيم، لا تَشْعَثُ أشعارُهم، ولا تَتَغَيَّرُ ألوانُهم، فيضربون بالحِلْقَةِ على الصفائح، ولو سمعت لها طنيناً يا علي، فيبلغُ كلُّ حوراءَ أنَّ زوجَها قد قَدِمَ، فتبعث إليه قَيِّمَهُ، فلولا أنَّ اللّهَ عَرَّفَهم نفسَه لخرَّ له ساجداً مما يرى من النور والبهاء والحُسن، فيقول: يا ولي اللّهِ أنَا قَيِّمُكَ الذي وُكِّلْتُ بمنزلِك، فينطلق وهو بالأثر حتى ينتهي إلى قصرٍ من الفضة، شُرُفُهُ الذهبُ، يُرى ظاهرُه من باطنه، وباطنُه من ظاهره، فيريد أنْ يدخله، فيقول: يا وليّ اللّهِ أمامَك ما هو أحسن، فينطلق به إلى قصر من الذهب، شُرُفُهُ فِضَّةٌ، يُرى باطنُه من ظاهره، وظاهرُه من باطنه، فيقول: لمن هذا؟ فيقول: هو لك، فقال ÷: «ولو مات أحدٌ من أهل الجنة من الفرح لمات هو»، فيريد أن يدخله،