42 - إمامة علي # وخلافته من البعثة إلى حجة الوداع
الخطبة الثانية
  
  الحمدلله رب العالمين، الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله.
  أما بعد أيها المؤمنون: لما أقبل رسول الله ÷ من مكة في حجة الوداع، نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بالدوحات فقمَّ ما تحتهن من شوك؛ ثم نادى «الصلاة جامعة» فخرجنا إلى رسول الله ÷ في يوم شديد الحر؛ إن مِنَّا من يضع رداءه على رأسه وبعضه تحت قدمه من شدة الحر، حتى انتهينا إلى رسول الله ÷ فصلى بنا الظهر؛ ثم انصرف إلينا فقال «الحمد لله، نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى؛ وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله.
  أما بعد: أيها الناس، فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف ما عُمِّر مَنْ قبله، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد أشرعت في العشرين؛ ألا وإني يوشك أن أفارقكم، ألا وإني مسؤول، وأنتم مسؤولون؛ فهل بلغتكم؟ فماذا أنتم قائلون؟
  فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبدالله ورسوله، قد بلغت رسالاته وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره، وعبدته حتى أتاك اليقين؛ جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته.
  فقال: «ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الجنة حق، والنار حق، وتؤمنون بالكتاب كله؟». قالوا: بلى.