روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

41 - موعظة حول الدنيا وكيف نستغلها؟

صفحة 334 - الجزء 2

٤١ - موعظة حول الدنيا وكيف نستغلها؟

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله المحمودِ على نعمائه، المشكورِ على آلائه، الذي لا ينسى من ذَكَرَه، ولا يُخَيِّبُ مَن رجاه، ولا يَرُدُّ مَنْ دعاه، والحمد لله الذي لا ربَّ لنا سواه، ولا خالقَ إلا إياه، ولا إلهَ غيرُه، ولا معبودَ إلا هو وحده لا شريك له، الذي تواضع كلُّ شئ لعظمته، وذلَّ كلُّ شئ لملكه وهيبته، والحمد لله الذي استسلم كلُّ شئ لقدرته، وخضع كلُّ شئ لقوته.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ÷، وأشهد أن الدين كما شرع، وأن الإسلام كما وصف، وأن الكتاب كما أنزل، وأن الله هو الحق المبين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

  أما بعد: أيها المؤمنون: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد بن عبد الله ÷، وأعظم المواعظ ما وقر في القلب، وصدقه العمل، ولن يتعظ الإنسان بمواعظ أبلغ ولا أعظم من كتاب الله، وكلام رسول الله ÷، وكلام أمير المؤمنين علي # سيد البلغاء، وإمام الفصحاء، سيد العارفين بالله، وأعلم المؤمنين بالله، فقد كان له # المواعظ البليغة، والخطب الرفيعة، وكأنه # في بعض خطبه يتحدث عن زماننا، ويشرح كثيراً من أحوالنا، وكأنه ينظر إلى الزمان الذي نعيش فيه، والوضع الذي نقاسيه، فسنجعل خطبة جمعتنا هذه نقلاً لشذرات من كلامه، ومتفرقات من خطبه، لعلنا نستفيد منها، ونعالج من خلالها بعضَ أمراضنا، ونصلح بها ما فسد من شؤوننا، قال # في خطبة له، وكأنه يشرح زماننا، فتأملوا بعين البصيرة، قال #:

  فإنكم قَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي زَمَنٍ لَا يَزْدَادُ الْخَيْرُ فِيهِ إِلَّا إِدْبَاراً، وَلَا الشَّرُّ فِيهِ إِلَّا إِقْبَالًا، وَلَا الشَّيْطَانُ فِي هَلَاكِ النَّاسِ إِلَّا طَمَعاً، فَهَذَا أَوَانٌ قَوِيَتْ عُدَّتُهُ، وَعَمَّتْ مَكِيدَتُهُ، وَأَمْكَنَتْ