29 - في فضل القرآن وتلاوته
الخطبة الثانية
  
  الحَمْدُ للهِ عَلَى الإِيمَانِ، الحَمْدُ للهِ عَلَى القُرْآنِ، الحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيْهِ، الحَمْدُ للهِ كَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
  وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن.
  وأشهد أن محمداً عبده المصطفى، ورسوله المرتضى، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الأخيار المتقين.
  أما بعد: أيها المؤمنون:
  قارئ القرآن إما أن يجيد القرآءة ويتلوه كما أنزل، ويحفظه غيباً، فهذا لا شك في بلوغه مرتبة عظيمة، ومنزلته عند الله عالية.
  وإما أن يجيد القرآءة إلا أنه لا يحفظه جميعه غيباً، وهذا في الدرجة الثانية في الفضل.
  وإما أن يجد بعض الصعوبة في نطق بعض الآيات أو الكلمات، ولكنه يتعلم ويتعاهد القرآن، ويجهد نفسه في الإتقان، ويبذل وسعه، فهذا له أجران.
  كما روي عن النبي ÷ قال: «إن الذي يتعاهد القرآن ويشتد عليه له أجران، والذي يقرأه وهو خفيف عليه مثل السفر الكرام البررة».
  وعن النبي ÷، قال: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ يتتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران».
  والقارئ للقرآن يجب عليه أن يحافظ على القرآن من التفلت من صدره، وأن يتعاهده حتى لا يزول من حفظه، لأن الشيطان يحرص على محو القرآن من صدور المؤمنين، كما روي عن ابن عمر، أن رسول الله ÷، قال: «مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت».