9 - شخصية الإمام زين العابدين #
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله رب العالمين، ولي الحمد وأهله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
  أما بعد: أيها المؤمنون: روي عن الزهري أنه قال: دخلت مع علي بن الحسين # على عبد الملك بن مروان، فاستعظم عبدُ الملك ما رأى من أثر السجود بين عيني علي بن الحسين، فقال: يا أبا محمد لقد بَيَّنَ عليك الاجتهاد، ولقد سبق لك من الله الحسنى، وأنت بضعة من رسول الله ÷، قريبُ النسب، وكيدُ السبب، وإنك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك، ولقد أوتيت من الفضل والعلم والدين والورع ما لم يؤته أحدٌ مثلَك ولا قبلك، إلا من مضى من سلفك، وأقبل يثني عليه ويطريه، فقال علي بن الحسين #: كلما ذكرته ووصفته من فضل الله سبحانه وتأييده وتوفيقه فأين شكره على ما أنعم؟ كان رسول الله ÷ يقف في الصلاة حتى تورم قدماه، ويظمأ في الصيام حتى يعصب فوه، فقيل له: يا رسول الله ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول ÷ «أفلا أكون عبداً شكوراً»، الحمد لله على ما أولى وأبلى، وله الحمد في الآخرة والأولى، والله لو تقطعت أعضائي، وسالت مقلتاي على صدري، لن أقوم لله ﷻ بشكر عشر العشير من نعمة واحدة من جميع نعمه التي لا يحصيها العادون، ولا يبلغ حدَّ نعمةٍ منها على جميع حمدِ الحامدين، لا والله أوَ يراني اللهُ لا يشغلني شئٌ عن شكره وذكره، في ليل ولا نهار، ولا سر ولا علانية، ولولا أن لأهلي علي حقاً، ولسائر الناس من خاصهم وعامهم علي حقوقاً لا يسعني إلا القيام بها حسب الوسع والطاقة حتى أؤديها إليهم لرميت بطرفي إلى السماء، وبقلبي إلى الله، ثم لم أرددهما حتى يقضي الله على نفسي وهو خير الحاكمين، وبكى #،