19 - حول فضائل شهر رجب
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله وكفى، ولي الحمد وأهله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، لا غاية له ولا انتهاء.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء، والقائم بلا عناء، والدائم بلا فناء.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد المرسلين والأنبياء، ~ وعلى آله الأصفياء.
  أما بعد أيها المؤمنون: لقد اعتاد الصالحون والعباد زيادة العناية بالعبادة في شهر رجب، فكانوا يصومونه ويصومون معه شهر شعبان، ونأخذ بعض عبادة الصالحين فيه، فلقد كان عابد اليمن إبراهيم بن أحمد الكينعي رحمة الله عليه يوظف لنفسه أوراداً وعبادات في شهر رجب وشعبان، وإليك كلام السيد العلامة يحيى بن المهدي بن قاسم الحسيني في كتاب صلة الإخوان في حلية عابد الزمان، قال |: وأمَّا شهر الله المحرَّم، ورجب، وشعبان، وشهر رمضان الكريم فيلزم الخلوة في هذه الأربعة الحرم، ويوظف فيها وظائف:
  منها: لا يتكلم فيها أبداً فيما عرفتُ وعلمتُ، فإن كُتِبَ إليه في حاجة مهمَّة دينية جوَّب في ظهر ورقة، أوفي عصا أو في لوح لفظات يسيرة جواباً.
  ومنها: لا يدخل إليه من بني آدم أحد والذي يأتيه بالوضوء والطعام يتركه على باب منزل خلوته المباركة، أو يهيء في مكان للتجمير والتدفية، فينزل له في أي وقت أحب.
  ومنها: أنه لا يفرط في ساعات الليل والنهار، بل اللحظة فيما أحسب، ويقطع علائق الكتب لا تقف عنده في هذه الخلوات، فيقرأ في كل شهر ستين ختمة، يقرأ في كل يوم ختمتين، وفي شهر رمضان - عمت بركته - تسعين ختمة، في النهار