14 - حول مولد النبي صلى الله عليه وآله
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً، الذي أكمل الحجة على جميع العالمين، ببعثة محمد خاتم النبيين، الذي أرسله رحمة للعالمين، بشيراً ونذيراً للمكلفين، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً إلى الناس أجمعين، نحمده على سوابغ النعم التي من أجلها الإسلام، وأتمها عند ذوي العقول والأفهام.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنفع قائلها يوم لا ينفع مال ولا بنون.
  وأشهد أن محمداً ÷ عبده ورسوله الصادق الأمين، أرسله بالبيان اللائح، والبرهان الواضح، إلى أمة غاوية، يعبدون الوثن، ويمحون السنن، فعلم الجاهل، وعدل المائل، وأوضح الخفي، وأرشد الغوي، فصلى الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين.
  أما بعد: أيها المؤمنون: ولد النبي ÷ في عام الفيل في شهر ربيع الأول، في التاسع منه، وقيل في الثاني عشر، وقيل في السابع عشر، يوم الإثنين.
  ثم استرضعته أمه في بني سعد فأرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية في سنة مجدبة شديدة، فشاهدت من بركاته وآياته الشيء الكثير، فكانت تروح أغنامها شابعة حافلة، وتروح أغنام بني سعد بشر حال جياعاً لا ضرع لها، وكان رسول الله ÷ يشب شباباً مَا يشبهه أحد من الغلمان، يشب في اليوم شباب الغلام في الشهر وفي الشهر شبابه في السنة، وفي بادية بني سعد وقعت حادثة شق الصدر، فطهر الله قلبه من وساوس الشيطان وأغلال الأهواء، وغسله بماء الجنة.
  وشاء الله أن يشب ويترعرع يتيماً فقد مات أبوه وهو لا يزال في بطن أمه، وتوفيت أمه وله ست سنين في موضع بين مكة والمدينة يسمى الأبواء، أثناء عودتها.
  وكفله جده عبد المطلب شيبة الحمد، فكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، وكان بنوه يجلسون حوله حتى يخرج إليهم، وكان رسول الله ÷