روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

23 - في الدعاء وأهميته

صفحة 196 - الجزء 2

٢٣ - في الدعاء وأهميته

الخطبة الأولى

  

  الحَمْدُ للهِ العَلِيِّ العَظِيْم، الرَّؤُوفِ الرَّحِيمِ، الجَوَادِ الكَرِيمِ، الَّذِي أَنْشَأَنَا بِحِكْمَتِهِ، وَغَذَّانَا بِنِعْمَتِهِ، وَأَوْلَانَا جَزِيْلَ الإِحْسَانِ، وَهَدَانَا سَبِيلَ الإِيْمَانِ، وَعَوَّدَنَا جَمِيلَ الإِمْتِنَانِ، فَأَقْرَرْنَا بِإِلَاهِيَّتِهِ، وَاعْتَرَفْنَا بِوَحْدَانِيَّتِهِ، وَأَيْقَنَّا بِحَشْرِهِ وَحِسَابِهِ، وَآمَنَّا بِرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ.

  اللَّهُمَّ إِنِّا نحْمَدُكَ عَلَى مَا شَرَحْتَهُ مِنْ صَدْورنا، وَأَصْلَحْتَهُ مِنْ أَمْورِنا، وَقَضَيْتَهُ مِنْ كِفَايَتنا، وَتَوَلَّيْتَهُ مِنْ وِقَايَتنا، وَنحْمَدُكَ عَلَى مَا حَبَّبْتَهُ إِلَينا مِنْ ذِكْرِكَ، وَأَسْبَلْتَهُ عَلَينا مِنْ سِتْرِكَ، وَوَقَيْتَناه مِنْ سُوءِ قَضَائِكَ، وَمَنَحْتَناه مِنْ سَنِيِّ عَطَائِكَ، حَمْدَاً تَقْبَلُهُ وَتَرْضَاهُ، وَتَجْعَلُ مِنْ دَوَامِ الزِّيَادَةِ ثَمَرَتَهُ وَجَنَاهُ.

  وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، مُدَبِّرُ الأُمُورِ وَمُصَرِّفُ المقْدُورِ.

  وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدَاً ÷ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَاليَقِينِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَى كَافَّةِ المؤمِنِينَ، فَبَشَّرَ التَّقِيَّ، وَأَنْذَرَ الغَوِيَّ، وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وَكَشَفَ الغُمَّةَ، وَجَاهَدَ حَتَّى كَمُلَ الدِّينُ، وَعَبَدَ إِلَهَهُ حَتَّى أَتَاهُ اليَقِينُ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.

  أما بعد: أيها المؤمنون: الدنيا طُبِعَت على الهمّ والكدر، ولا يكاد الإنسان يسلم فيها من البلاء والخطر، ومن الأمراض والمصائب، والأحداث والأحزان، والهموم والغموم، والمحن والفتن، والبغي والظلم والعدوان، ولكن اللهَ من رحمته ولطفه جعل لعباده طريقاً إلى الفرج، وفتح لهم باباً إلى المخرج، يتنفسون فيه، ويلجأون إليه، ألا وهو باب الدعاء.

  ذلك الباب الذي فتحه الله لعباده، يناجون فيه ربهم، ينسون أثناءه همومهم وغمومهم، يبثون فيه شكواهم إلى من يعلم حالهم، ومن عنده خلاصُهم، ذلك الباب وتلك الطريق هو التجارة الرابحة، الذي يستوي فيه الرجل والمرأة، والصغير والكبير، والغني والفقير، لكن الربح يتفاوت على قدر حضور القلب وانطراحه وخشوعه وتذلله بين يدي الله.