5 - حول مقتل الحسين وأهل بيته وأصحابه
٥ - حول مقتل الحسين وأهل بيته وأصحابه
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، نحمده على كل نعمة، ونشكره على كل حسنة، ونستغفره من كل ذنب، ونتوب إليه من كل خطيئة.
  وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، سيد أنبياء الله ورسله.
  أما بعد أيها المؤمنون:
  لقد كانت وقعةُ كربلاء أعظمَ وقعة عرفها التاريخ في كافة مقوماتها وأحوالها، وفي جميع أشكالها، فهي في فظاعتها لم يسبق لها مثيل، وفي مظلوميتها ليس لها نظير، وليس فيها تكافئ من أي ناحية من النواحي، فالجانب المظلوم منها ابنُ النبي ÷ وخيارُ أهل بيته وأصحابه، الذين لا يوجد على ظهر الأرض في وقتهم أبر ولا أطهر ولا أوفى ولا أتقى منهم، وفي الجانب الظالم المتعدي يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد ومن معهم من عبيد الدنيا الذين لا يوجد على ظهر الأرض أشقى ولا أضل ولا ظلم ولا أقسى منهم، فقد نزعت الرحمة والرأفة والشفقة من قلوبهم، وتجردوا عن الدين والإسلام، وتعروا عن الأخلاق والشيم، تصطف عشرات الآلاف صفوفاً شاهرين لسيوفهم، مشرعين لأرماحهم، مادين لأقواسهم ونبالهم في وجوه طائفة لا يصل عددهم المائة فيهم النساء والصبيان والضعفة والمرضى.
  فلما علم عبيد الله بن زياد بتوجه الإمام الحسين # إلى الكوفة بعد أن أرسل أهلها إليه ببيعاتهم، وعلم باقترابه منها أرسل الحُرَّ بن يزيد الرياحي في ألف فارس كي يمنعَ الحسينَ من وصول الكوفة أو الرجوع إلى مكة أو المدينة أو أي جهة أخرى،