روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

14 - فضل الأعمال اليسيرة المتهاون بها

صفحة 133 - الجزء 2

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله الذي لا يَخفِرُ من انتصر بذمته، ولا يَقْهَرُ من استتر بعظمته، ولا يُكدِي مَن أذاعَ شكر نعمته، ولا يَهلَكُ من تغمده برحمته.

  ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً واحداً، فرداً صمداً، ليس له ند ولا شبيه.

  ونشهد أن محمداً عبدُه المصطفى، ورسولُه المجتبى، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الهداة.

  أما بعد: أيها المؤمنون: من الأعمال التي يحصل فيها التهاونُ الكبيرُ هي السننُ المؤكدةُ التي سنها النبي ÷ وداوم عليها، فيتهاون الكثير من المصلين بسنة المغرب والظهر والوتر، والعجب أن ذلك التهاون ليس له عذرٌ ولا موجب، والمشكلةُ الكبرى أنّ ذلك التهاونُ والتركُ ليس مرة أو مرتين بل على الإستمرار، فترى الكثير ممن يجمع بين الصلاتين يترك تلك السنة المؤكدة بدون عذر وبلا سبب، وقد اعتاد ذلك الكثير من الناس، وهذا التهاون بالسنن المؤكدة هو من الأسباب التي جعلتنا نتهاون بالفرائض، فلو حافظنا على النوافل لدعتنا للحفاظ على السنن المؤكدة، ولو حافظنا على السننِ المؤكدة لسهلت علينا المحافظةُ والإهتمامُ بالفرائض الواجبة، وبسبب تهاون الآباء بالسنن يشب الأولاد وهم لا يعرفون عنها شيئاً، فإن الولد حين يرى أباه أو غيره من الناس يبادر الخروج من باب المسجد بعد الفريضة بدون أن يتسنن فإنه سيفعل مثله، ويَشِبُّ ويَشِيبُ وهو لا يعرف شيئاً عن تلك السنن، وإليك أخي المسلم بعضاً من الأدلة على أهمية تلك السنن المؤكدة:

  فمن ذلك صلاة الوتر: فإنها من آكد السنن، التي داوم عليها النبي ÷ حتى توفي، ولم يتركها في سفر ولا حضر، بل وكان يتنفل وهو على دابته فإذا أراد أن يوتر نزل من دابته وصلى الوتر مستقراً، ومما يدل على أهمية الوتر أن جماعة من أهل العلم ذهبوا إلى وجوبها، ولكن هي عندنا ليست بواجبة ولكن هي سنة لا ينبغي