33 - حول ستر العورة
الخطبة الثانية حول أضرار الكلام الفاحش
  
  الحمدلله المجمل المحسن المفضل، المنعم الكريم المنان، نحمده على الإنعام والإحسان، حمداً كثيراً طيباً.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ÷.
  أما بعد: أيها المؤمنون: يقول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ٢٤ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ٢٥ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ٢٦ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ٢٧}[إبراهيم].
  فما يتكلم به الإنسان إما أن يكون كلاماً طيباً أصله ثابت متين، يثمر الخير، ويجزل الأجر الكثير، وإما أن يكون خبيثاً لا أصل له ولا قرار، يثمر الشر، ويجلب الضر، ويقول تعالى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: ١٠]، ويقول تعالى {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ١٨}[ق]، ويقول تعالى {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ١٠ كِرَامًا كَاتِبِينَ ١١ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ١٢}[الانفطار]، فالذي يتكلم به الإنسان وينطق به مسجل عليه، ومحاسب به.
  ويقول النبي ÷ «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظنها تبلغ ما بلغت، فيكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظنها تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه»، فكم من متكلم لا يدرك ضرر كلامه، وكم من لافظ لا يدري ما يترتب على ألفاظه، فقد شاع بين الناس الكثير من الكلمات والعبارات والألفاظ الخطيرة، التي