روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

40 - موعظة في الرجوع إلى الله تعالى

صفحة 328 - الجزء 2

٤٠ - موعظة في الرجوع إلى الله تعالى

الخطبة الأولى

  

  الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَاصِلِ الْحَمْدَ بِالنِّعَمِ، وَالنِّعَمَ بِالشُّكْرِ، والبَلَاءَ والمحنَ بالفرجِ والنصرِ، لمن ثبتَ وصَبَرَ، نَحْمَدُهُ عَلَى آلَائِهِ، كَمَا نَحْمَدُهُ عَلَى بَلَائِهِ، وَنَسْتَعِينُهُ عَلَى هَذِهِ النُّفُوسِ الْبِطَاءِ عَمَّا أُمِرَتْ بِهِ، السِّرَاعِ إِلَى مَا نُهِيَتْ عَنْهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ مِمَّا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَأَحْصَاهُ كِتَابُهُ، وَنُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانَ مَنْ عَايَنَ الْغُيُوبَ، وَوَقَفَ عَلَى الْمَوْعُودِ، إِيمَاناً نَفَى إِخْلَاصُهُ الشِّرْكَ، وَيَقِينُهُ الشَّكَّ.

  وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً ÷ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، شَهَادَتَيْنِ تُصْعِدَانِ الْقَوْلَ، وَتَرْفَعَانِ الْعَمَلَ، لَا يَخِفُّ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ، وَلَا يَثْقُلُ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ عَنْهُ.

  أما بعد: أيها المؤمنون: يقول الله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم ١ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ٢ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ٣ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ٤}⁣[العنكبوت]، ويقول تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ٢١٤}⁣[البقرة]، فالقرآن الكريم مشحون بالآيات التي يذكر فيها الله تعالى ما أصاب مَن قبلنا من المحن والفتن والمصائب التي يبتلي بها عبادَه، ليميز بها المؤمن من المنافق، والكاذب من الصادق، والصابر من الجازع، ففي ظل الأحداث والفتن التي يعيشها الناس في هذه الأيام، من الظلم والإضطهاد، والفساد والإفساد، وفي ظل الظروف المعيشية القاسية التي يعانيها الناس، لا بد أن نتذكر ما أصاب مَن قبلنا، وكيف امتدحهم الله تعالى بالمدائح النبيلة، ووصفهم بالصفات الجميلة، كما يقول الله تعالى في ذكر صفات المؤمنين الصادقين {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ