روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

30 - في فضل المساجد وآدابها

صفحة 250 - الجزء 2

الخطبة الثانية

  

  الحمدلله ذي المجد والثناء، والفضل والعطاء، نحمده على نعمه، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين.

  أما بعد: أيها المؤمنون:

  فإن لبيوت الله آداباً لابد أن تأدب بها، فإن الحفاظ عليها والتحلي بها يدل على تعظيمنا لبيوت الله، فمن تلك الآداب:

  الأول: المحافظة على نظافة المساجد وصيانتها من الأوساخ والأقذار، وتجنيبها من البصاق والمخاط والنخامة، وقص الأظفار، وحلق الشعر وغيرها، وقد ورد في إزالة وإخراج الأذى منها الأجر الكثير، والثواب العظيم.

  وتطهير بيوت الله وتنظيفها شرف لفاعلها، فقد أمر الله تعالى نبيه إبراهيم الخليل وولده إسماعيل @ بذلك، فقال تعالى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ١٢٥}⁣[البقرة]، وقال تعالى في آية أخرى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ٢٦}⁣[الحج].

  فعن علي # قال: (أمر رسول اللَّه ÷ ببناء المساجد، وأن تطيَّب، وتطهر، وتنظّف، وأن تجعل على أبوابها المطاهر).

  وعن علي # قال: كانت جارية خُلَاسِيَّةً تلتقط الأذى من مسجد رسول اللَّه ÷، ففقدها رسول اللَّه ÷؛ فسأل عنها، فقيل: توفيت، فقال: «لذلك رأيت لها الذي رأيت، كأنها في الجنَّة تلقط من ثمرها»، ثم قال رسول اللَّه ÷: «من أخرج أذى من المسجد