روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

28 - حول العلاقات الأخوية

صفحة 231 - الجزء 2

٢٨ - حول العلاقات الأخوية

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله الذي بعث محمداً ÷ بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى والجهالة، وجمع به بعد الفرقة، وألف به بعد العداوة، والحمد لله الذي جعل التآخي بين المؤمنين من قواعد الإيمان، وأوجب عليهم حقوقاً لتقوية الدعائم والأركان.

  وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً مُمْتَحَناً إِخْلَاصُهَا، مُعْتَقَداً مُصَاصُهَا، نَتَمَسَّكُ بِهَا أَبَداً مَا أَبْقَانَا، وَنَدَّخِرُهَا لِأَهَاوِيلِ مَا يَلْقَانَا، فَإِنَّهَا عَزِيمَةُ الْإِيمَانِ، وَفَاتِحَةُ الْإِحْسَانِ، وَمَرْضَاةُ الرَّحْمَنِ، وَمَدْحَرَةُ الشَّيْطَانِ.

  وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالدِّينِ الْمَشْهُورِ، وَالْعَلَمِ الْمَأْثُورِ، وَالْكِتَابِ الْمَسْطُورِ، وَالنُّورِ السَّاطِعِ، وَالضِّيَاءِ اللَّامِعِ، وَالْأَمْرِ الصَّادِعِ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

  أما بعد أيها المؤمنون: يقول الله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}⁣[الحجرات: ١٠]، ويقول تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٧١}⁣[التوبة]، فالإسلام دين المحبة والإخاء، والتعاون والولاء، والصدق والصفاء، فقد حرص الإسلام على تقوية العلاقات الإسلامية، وتوثيق الروابط الأخوية بين اللمسلمين، وجعل لهم وعليهم حقوقاً لا خلاص لهم إلا بالوفاء بها، والقيام بشأنها، فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #، قال: قال رسول اللّه ÷: «للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً، لا براءة له منها إلا بالأداء، أو العفو له: يغفر زلته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته،