41 - في فضل عرفة والأيام التي تليه
الخطبة الثانية (إذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة)
  
  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِهِ، وَسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ، وَدَلِيلًا عَلَى آلَائِهِ وَعَظَمَتِهِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا كَانَ، وَنَسْتَعِينُهُ مِنْ أَمْرِنَا عَلَى مَا يَكُونُ، وَنَسْأَلُهُ الْمُعَافَاةَ فِي الْأَدْيَانِ، كَمَا نَسْأَلُهُ الْمُعَافَاةَ فِي الْأَبْدَانِ.
  ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي دائم لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
  ونشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، أَرْسَلَهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ، وَإِنْهَاءِ عُذْرِهِ، وَتَقْدِيمِ نُذُرِهِ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله البررة الأتقياء، الأخيار الأصفياء.
  أما بعد: أيها المؤمنون: فإننا في هذا اليوم العظيم، الذي هو يوم عرفة، اليوم الذي شرفه الله وعظمه، وفضله وكرمه، ينشر فيه رحمته على العباد، ويهيئ لهم فيه الأرباح ليوم المعاد، وهو المراد بقوله تعالى {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ٣}[الفجر] فالشفع هو يوم عرفة، والوتر هو عيد الإضحى، كما روي عن علي #، وهو المقصود بقوله تعالى {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ٣}[البروج] كما روي النبي ÷ أنه قال «الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم الجمعة»، وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها، ويوم العتق من النار، كما روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «ما من يومٍ أكثر من أن يُعتقَ اللهُ ø فيه عباداً من النار من يوم عرفة»، وهو يوم الْمُباهاة بأهل الموقف، يُباهي اللهُ بهم الملائكةَ، فيقول: ما أراد هؤلاء؟
  وهو أفضل الأيام، كما روي عن النبي ÷ «أفضل الأيام يوم عرفة»، وهذا اليوم العظيم تختص به عبادات وأذكار، فمنها:
  الأول: صيام يوم عرفة: فله مزيد فضل على بقية أيام العشر في صيامه وأذكاره، فصيامه فيعدل صيام سنتين، سنة ماضية ومستقبلة، كما ورد عن النبي ÷