33 - حول ستر العورة
٣٣ - حول ستر العورة
الخطبة الأولى
  
  الحمدلله رب العالمين، الذي هدانا لدينه القويم، ونهج بنا النهج المستقيم، ودلنا على ما يوصلنا إلى الرضوان والنعيم، وحذرنا مما يدعو إلى السخط والجحيم، ويجر إلى العذاب الدائم المقيم، نحمده حمداً الحامدين، ونشكره شكر الشاكرين.
  وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق العدل المبين، الذي تنزه عن أشباه المخلوقين، وتعالى عن صفات المربوبين، لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والأخرى وإليه ترجعون.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين.
  أما بعد: أيها المؤمنون:
  يقول الله تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ٧٠}[الإسراء]، فقد كرم الله بني آدم وشرفهم وفضلهم على غيرهم من المخلوقات، وذلك التكريم والتفضيل يدخل فيه أشياء كثيرة:
  فمنها: خلقهم على أحسن الهيئات وأكلمها، في امتداد القامة وحسن الصورة كما قال تعالى {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ٤}[التين]، فهو يمشي قائماً منتصباً على رجليه ويأكل بيديه، وغيره من الحيوانات يمشي على أربع ويأكل بفمه.
  وكرم بني آدم بالعقل الذي هو عمدة التكليف، ليفهم به وينتفع، ويفرق به بين الأشياء، ويعرف منافعها ومضارها في الأمور الدينية والدنيوية، وبه يحسن التصرف، وبه يعرف الله ويصدق رسله.
  ومن تكريم الله تعالى لبني آدم أن جعل لهم ما يسترهم ويزينهم من الملابس الرفيعة، من سائر الأنواع على اختلاف أصنافها وألوانها وأشكالها، مما يصنعونه لأنفسهم، ويجلبه