روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

24 - في فضل شعبان والإعداد لرمضان

صفحة 219 - الجزء 1

٢٤ - في فضل شعبان والإعداد لرمضان

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله ذي العزة القاهرة، والألآء الغامرة، والنعم الباطنة والظاهرة، المختص بصفات الكمال، ذي العظمة والجلال، والمن والإفضال، المتعالي عن الأنداد والأمثال، رافع السماء بغير عماد، ومرسي الأرض بشوامخ الأطواد.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةَ عارف معترف، لا مُنكر ولا منحرف، يَرْجُحُ بها ميزانُها، ويشهد بها ديوانُها.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأمينه وصفيه، المبعوث بجوامع الكَلِم، وبدايعِ الحِكَم، وأنه أدى الأمانة، ونصح الأمة، وعَبَدَ اللهَ حتى أتاه اليقين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

  أما بعد أيها المؤمنون: انقضى موسمٌ من مواسم فضل الله تعالى ورحمته بعباده هو شهر رجب، وها نحن نعيش وإياكم في أوائل أيام موسم جديد هو شهر شعبان، الذي هو وقت من أوقات فضل الله ومغفرته، وباب من أبواب رحمته، فهو الشهر الذي يسمى شهرُ محمدٍ ÷، كما قال ~ وآله «شعبانُ شهري»، وسمي شعبان بهذا الاسم، لأنه يتشعب فيه خير كثير لرمضان، وهو شهرٌ تُؤذِنُ أيامُه ولياليه، باستقبال شهر رمضان، وبمرور أيامه يقترب منا شهر الخير والبركات، فكلُّ يومٍ يمضي منه يقرِّبُنا ويُدْنِينا من شهر التوبة والغفران، فهاهي الساعات والأيام والأسابيع والأشهر والأعوام تمر وتنقضي، وحالُنا لم يتغير، ولم نتقدم إلى الأحسن، بل بمرور الأيام تتدهور حالُنا، على كافة المستويات، ففي المستوى الديني لا نزداد من الله إلا بعداً، ومن الدنيا إلا قرباً، ولا نزداد من الطاعات إلا نفوراً، ولا من العبادات إلا فُتُوراً، ولا تزداد القلوب إلا قسوة، ولا الألباب إلا حيرةً وغشوةً.