35 - التحذير من الشيطان
٣٥ - التحذير من الشيطان
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله المذكور بكل لسان، المشكور على الإحسان، المعبود في كل مكان، مدبر الأمور، ومقدر الدهور، والعالم بما تُجِنُّه البحور، وتُكِنُّه الصدور، ويخفيه الظلام ويبديه النور، ذي المنن التي لا يحصيها العادون، والنعم التي لا يجازيها المجتهدون، أحمده جاهراً بحمده، شاكراً لرفده، حمد موفقٍ لرشده، واثِقٍ بوعده، له الشكرُ الدائمُ، والأمرُ اللازم.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الواحد الذي لا يدخل في عَدَد، والفردُ الذي لا يقاس بأحد، علا عن المشاكلة والمناسبة، وخلا من الأولاد والصاحبة، شهادةً أعتقدها بإخلاص وإيقان، وأعدُّها طمعاً في الخلاص والأمان.
  وأشهد أن محمداً نبيُّه المرسلُ، وشهيدُه المعَدَّلُ، المؤيد بالنور المضي، والمسدَّدُ بالأمر المرضي، بعثه بالأوامر الشافية، والزواجر الناهية، والدلائل الهادية، الذي دعى إلى خير سبيل، وشفى من هيام الغليل، حتى علا الحقُّ وظهر، وزهق الباطلُ وانحسر، ÷ صلاة دائمة ممهدة، لا تنقضي لها مدة، ولا تنحصر لها عدة.
  أما بعد أيها المؤمنون: فإن الله تعالى خلق الإنسان لعبادته، وتكفل برزقه وحاجته، وأعد له على العبادة والطاعة ثواباً عظيماً، وأجراً كريماً، وجعل الدنيا دار تكليف وابتلاء وامتحان، وابتلى الإنسان فيها بأنواع من الإبتلاءات، وضروب من الإمتحانات، {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ٢}[الملك]، وكما قال تعالى {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ٤٨}[المائدة]، وكما قال تعالى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ١٦٥}[الأنعام].