34 - حول غزوة بدر الكبرى وفتح مكة
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله الذي ليس له منازع يعادله، ولا شبيه يشاكله، ولا ظهير يعاضده، قهر بعزته الأعزاء، وتواضع لعظمته العظماء، فبلغ بقدرته ما يشاء.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله الله عليه وعلى آله الطاهرين.
  أما بعد أيها المؤمنون:
  الثاني: من أهم الأحداث في رمضان غزوة فتح مكة: وقد تحدث عنها القرآن الكريم في سورة الفتح في آيات كثيرة، فقال تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ١ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ٢ وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ٣}[الفتح].
  وهذه الغزوة من الغزوات العظيمة، بل من أكبر الغزوات وأعظمها، وفيها أبان الله تعالى أمر نبيه، وأظهر دينه، وأعادت للمسلمين المستضعفين المظلمومين مكانتهم السامية، وجلبت للمشركين الذل الدائم، والخسران اللازم، فقد كان دخل المسلمون إلى مكة أعزة بعد أن أخرجهم المشركون منها أذلة، ودخلوها وهم عدد كثير، بعد أن طردوا منها وهم قلة مستضعفون، فصار المسلمون بعد ضعفهم في قوة، وبعد ذلتهم في عزهم، وبعد قلتهم في كثرة، بفضل الله تعالى.
  وقد كانت هذه الغزوة في شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة، في مكة المكرمة.
  وكان عدد جيش المسلمين: عشرة آلاف مقاتل، وجيش العدو: مكون من قريش وحلفائها بني بكر.