36 - غزوة أحد والدروس المأخوذة منها
٣٦ - غزوة أحد والدروس المأخوذة منها
الخطبة الأولى
  
  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ مَصَائِرُ الْخَلْقِ، وَعَوَاقِبُ الْأَمْرِ، نَحْمَدُهُ عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِهِ، وَنَيِّرِ بُرْهَانِهِ، وَنَوَامِي فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ، حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّهِ قَضَاءً، وَلِشُكْرِهِ أَدَاءً، وَإِلَى ثَوَابِهِ مُقَرِّباً، وَلِحُسْنِ مَزِيدِهِ مُوجِباً، وَنَسْتَعِينُ بِهِ اسْتِعَانَةَ رَاجٍ لِفَضْلِهِ، مُؤَمِّلٍ لِنَفْعِهِ، وَاثِقٍ بِدَفْعِهِ، مُعْتَرِفٍ لَهُ بِالطَّوْلِ، مُذْعِنٍ لَهُ بِالْعَمَلِ وَالْقَوْلِ، وَنُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانَ مَنْ رَجَاهُ مُوقِناً، وَأَنَابَ إِلَيْهِ مُؤْمِناً، وَخَنَعَ لَهُ مُذْعِناً، وَأَخْلَصَ لَهُ مُوَحِّداً، وَعَظَّمَهُ مُمَجِّداً، وَلَاذَ بِهِ رَاغِباً مُجْتَهِداً.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله لِإِنْجَازِ عِدَتِهِ، وَإِتْمَامِ نُبُوَّتِهِ، مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيِّينَ مِيثَاقُهُ، مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ، كَرِيماً مِيلَادُهُ، فَهَدَى الناسَ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَأَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين.
  أما بعد: أيها المؤمنون:
  فإن من نعم الله العظمى، ومننه الكبرى على عباده؛ أن بعث فيهم رسولاً أميناً، وناصحاً مشفقاً، هو محمد بن عبد الله، - صلوات الله وسلامه عليه - اختاره ربه واجتباه، وانتخبه واصطفاه؛ ليكون رسولاً للبشرية ورحمة للعالمين.
  شرح له صدره، ورفع له ذكره، وجعل الذّلة والصغار على من خالف أمره، بعثه - سبحانه وتعالى - بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.
  ولقد تعب النبي ÷ وعانى عناء شديداً حتى خلص هذا الدين ووصل إلينا، فكم من غزوة غزاها، وسرية أرسلها وقواها.