روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

31 - في التوبة ووداع رمضان

صفحة 277 - الجزء 1

  فعن عبد الله بن مسعود أنَّه كان يقول في آخر ليلة من شهر رمضان: مَن هذا المقبول منا فنهنِّئَه، من هذا المحروم المردود فنعزِّيَه، أيها المقبول هنيئاً هنيئاً، أيها المحروم جبر الله مصيبتك.

  ليت شعري مَن هو المقبول منا فيهنّا ليت شعري مَن هو المردود منا فيعزّى

  إن آخر ليلة من رمضان هي ليلة الجائزة التي يوفى العباد فيها أجورهم، كما قال النبي ÷ «إذا كان آخر ليلة منه - أي من رمضان - نظر الله إليهم جميعاً، ومن نظر إليه لم يعذبه أبداً» قيل يا رسول الله: أهي ليلة القدر يا رسول الله؟، فقال النبي ÷ «ألم تر إلى العمال إذا فرغوا من أعمالهم وفُّوا أجورهم»، وهي ليلة الجائزة، التي يستلمها العاملون من ربهم، وليست كجوائز الملوك والسلاطين، بل هي جائزة العتق من النار، ففيها يعتق اللهُ رقاباً كثيرة من النار.

  ولقد كان الصالحون والعباد يعطون هذه الليلة حقها، ويعرفون قدرها، فقد روي أن زين العابدين علي بن الحسين #، كان إذا دخل رمضان إذا كان ليلة العيد، جمع عبيده وأرقاءه، وقال لهم: نادوا جميعاً بأعلى أصواتكم، وادعوا الله تعالى.

  واعلموا أيها المؤمنون: أن الله تعالى جعل لأبداننا زكاة كما جعل لأموالنا زكاة، فزكاة الأبدان هي زكاة الفطر وصدقته، وهي رحمة من الله تعالى يتمم الله بها ما نقص من أجر الصيام، ويجبر بها ما حصل من خلل في الصيام، فعن أبي سعيد الخدري، قال: خطبنا رسول الله ÷ عشية الَّتي تقال لها ليلة الفطر، فقال: «إن زكاة الفطر واجبة على كل صغيرٍ وكبير، على كل حرٍ وعبد ذكر وأنثى، صاعاً من تمر أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب».

  ويجوز تقديمه قبل يوم العيد، فعلينا أن تفقد الضعفاء والمحتاجين، والفقراء والمساكين في هذه الليالي والأيام المباركة المتبقية من هذا الشهر، فكم من ضعيف مسكين لا يجد لنفسه ولا لأهله نفقة، ولا كسوة عيد، وكم فقير تنهمل دموعه على