36 - غزوة أحد والدروس المأخوذة منها
  يبق مع النبي سوى سبعمائة، فإذا كان هذا الموقف مع النبي ÷ فما بلك بعده، ونحن في هذه العصور المتأخرة، لا شك أن الضرر أكبر بكثير.
  أيها المؤمنون: من هنا نعرف خطورة أهل النفاق على المسلمين، وقد بين الله تعالى في القرآن الكريم صفات المنافقين بالتفصيل في آيات كثيرة من سور متعددة، بل وأنزل سورة كاملة فيهم وسماها باسمهم سورة المنافقون، ليكون المؤمنون على حذر من هذه الفئة، ويتجنبوا تلك الصفات؛ لأن ضرر النفاق والمنافقين كبير وخطير على البيئة المؤمنة، على الطائفة المؤمنة، فإذا لم يسلم النبي ÷ من ضرر تلك الفئة فكيف بمن بعده، فأهل الإيمان في حرب ضروس مع أهل النفاق وأهل الكفر، لأن المنافق والكافر يتحدان ويجتمعان ويتعاونان، بينما المؤمن لا يجامع أهل النفاق لا يألفهم ولا يألفونه، ولا يقبلهم ولا يقبلونه، لأن الله وعد المؤمنين جنات تجري من تحتها الأنهار، ووعد المنافقين والكفار نار جهنم هي حسبهم ولعنهم الله؛ فالنفاق صفة قبيحة، ورذيلة مستهجنة، ومستنقع وبيء، من دحضت به قدمه فيه فقد زل، ومن اتصف به فقد ضل.
  أيها المؤمنون: نحن بحاجة ماسة إلى أن نعيش مع الإيمان في كل تعليماته وآدابه، نظرية وتطبيقاً، علماً وعملاً، قولاً وفعلاً واعتقاداً، عبادة ومعاملة، موالاة ومعاداة.
  وأن نبتعد كل البعد عن طبائع النفاق وأهله وصفاتهم، ولا نستطيع ذلك حتى نعرف من هو المنافق وما هي صفاته؟!
  فكم من حلو اللسان، رائع المنطق، حسن السمت، جميل العبارة، يتظاهر بأنه حريص على الإسلام وأهله، يظهر للناس أنه يريد لهم الخير والصلاح، كما قال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ٢٠٤ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}[البقرة: ٢٠٤ - ٢٠٥] فقوله جميل، وكلامه يقرع الأسماع، ومنطقه طيب يسلب الألباب، ويأسر القلوب، ولكن